تخصص القضاء والسياسة الشرعية
المقدمة
يُشكّل مجال القضاء والسياسة الشرعيَّة حجر الزاوية في منظومة العدالة في البلاد الإسلاميّة، حيث يعمل على ربط أحكام الشريعة الإسلاميّة بالقوانين الوضعيّة التي تتغيّر باستمرار بتغيُّر طبيعة العصر. ولأنّ العاملين في هذ المجال - من قضاة ومُستشارين - يجب أن يكونوا مُلمِّين بالمعرفة الشرعيّة والقانونيّة وأن يتحلَّوا بمجموعة فريدة من المهارت والسمات الشخصيّة اللازمة للتعامل مع القضايا القانونيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة المُعقَّدة، فإنّ هذا التخصص يُعد من أكثر التخصصات الانتقائيّة لضمان وصول الشخص المناسب لهذا المنصب الهام.
وفي هذا المقال، نستكشف كل ما يتعلّق بتخصُّص القضاء والسياسة الشرعيّة، من المؤهلات العلميّة والمهارات الأساسيّة والسمات الشخصيَّة المطلوبة إلى مجالات العمل المُختلفة التي يتيح هذا التخصُّص العمل فيها.
تصفّح أيضًا: الحقوق - Law
نبذة عن تخصص القضاء والسياسة الشرعيَّة
يجمع تخصُّص القضاء والسياسة الشرعيَّة بين الشريعة الإسلاميَّة والقانون، حيث يهدف إلى إعداد كوادر مُتخصِّصة قادرة على تطبيق الأحكام الشرعيَّة وفق الأسس القانونيَّة. ويهتم هذا التخصُّص بدراسة الجوانب الفقهيَّة والتشريعيَّة المتعلقة بالقضاء في الإسلام، مع التركيز على فهم القوانين الوضعيَّة وتطبيقاتها بما يتوافق مع الشريعة.
ويُعد هذا الخصُّص بمثابة قسم فرعي في كليّة الشريعة والقانون، ويتناول موضوعات متعددة مثل أصول الفقه، وقواعد التشريع الإسلامي، والنظام القضائي في الإسلام، ونظام الحكم والمال والإدارة في الإسلام، إضافة إلى دراسة القوانين المدنية والجنائية التي تعمل على ربط النظام القضائي الشرعي بالنظام القانوني المعاصر. ويتمثّل الهدف من هذا التخصُّص في إعداد القضاة والمحامين والمستشارين الشرعيين المؤهلين للعمل في مجالات القضاء والاستشارات الشرعيَّة والقانونيَّة.
تصفّح أيضًا: تخصص أصول الدين
المؤهلات العلميَّة المطلوبة في تخصص القضاء والسياسة الشرعيَّة
لتعمل في مجال القضاء والسياسة الشرعية، يجب أن تكون حاصلًا على درجة البكالوريوس في هذا التخصُّص أو إحدى التخصُّصات ذات الصلة من كليّة الشريعة والقانون. وأثناء دراسة درجة البكالوريوس، يجب أن تجري دراسة مُعمَّقة للفقه الإسلامي بمذاهبه المختلفة وأصوله لضمان إلمامك بجوانب التشريع الإسلامي.
بالإضافة إلى ذلك، ستتعرّض ضمن مناهجك الدراسيّة للقوانين الوضعيَّة السائدة في البلد الذي ستعمل فيه مثل القوانين المتعلقة بالقضاء، والعقود، والتجارة، والأحوال الشخصيَّة، وغيرها.
وبعد إكمال درجة البكالوريوس، يُفضّل أن تحصل على درجة الماجستير أو الدكتوراه في مجالات مُتعلِّقة بالقضاء والسياسة الشرعيَّة أو القانون الإسلامي، حيث يعكس ذلك مستوى متقدمًا من التأهيل والقدرة على التعامل مع المسائل القضائيّة المُعقَّدة.
وفيما يلي أهم الدورات الدراسيّة التي ستدرسها في مرحلة البكالوريوس:
مدخل إلى السياسة الشرعيَّة
تاريخ القضاء في الإسلام
أصول الفقه
فقه الأحوال الشخصيَّة
التحكيم في الفقه الإسلامي
شرح قانون الأحوال الشخصيّة (الزواج والطلاق)
مقاصد الشريعة الإسلاميَّة
أحكام الحسبة في الإسلام
أصول المحاكمات الشرعيَّة والتطبيقات القضائيّة
أحكام الاجتهاد في الإسلام
المحاماة في الإسلام
نظام الحكم في الإسلام
فقه المعاملات
الوصايا والوقف في الفقه الإسلامي
صكوك وتوثيقات
فقه القضاء وطرق الإثبات
القواعد الفقهيَّة وتطبيقاتها
العلاقات الدوليَّة في الإسلام
فقه العقوبات
قواعد الطب الشرعي
النظام المالي والاقتصادي في الإسلام
حقوق الإنسان في الإسلام
تصفّح أيضًا: حقوق الإنسان - Human Rights
المهارات الأساسيّة والسمات الشخصيَّة المطلوبة لدى طلبة تخصُّص القضاء والسياسة الشرعيَّة
يحتاج طُلَّاب القضاء والسياسة الشرعيَّة إلى اكتساب مزيج من المعرفة النظريَّة والتفكير التحليلي للتفوُّق في دراساتهم ومسيرتهم المهنيَّة فيما بعد. وفيما يلي أهم المهارات الأساسيَّة اللازمة للنجاح في هذا المجال:
أولًا: المعرفة العلميّة
فهم عميق للقواعد الشرعيَّة التي تقوم عليها منظومة القضاء في الإسلام، ودورها في تحقيق العدالة الاجتماعيَّة وتعزيز السلم المجتمعي.
فهم النصوص الشرعيَّة الأساسية مثل القرآن الكريم والسنة النبوية لفهم أصول القضاء وأحكامه.
معرفة المفاهيم الأساسيَّة المُتعلِّقة بالسياسة الشرعيَّة، مثل العلاقات الدوليَّة في الإسلام، ونظم الحكم، وأسس التشريع الإسلامي.
الإلمام بمبادئ التخطيط والسياسات التي تحقق المصالح العامَّة في المجتمع الإسلامي.
إتقان الفقه الشرعي من مصادره الأصليَّة (القرآن الكريم والسنة النبوية)، وفهم مقاصد الشريعة في تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات.
الإلمام بقواعد اللغة العربيَّة وأصولها لفهم النصوص الشرعيَّة واستنباط الأحكام منها.
فهم كيفيَّة تنظيم العلاقات بين الدول وفقًا للشريعة الإسلاميّة، بما يُحقِّق العدالة ويمنع الظلم.
فهم دور القضاء الإسلامي في تنظيم حياة الناس وحل المشكلات المجتمعيَّة.
معرفة أحكام الحدود والجنايات، وأحكام الأحوال الشخصية، والمسائل المُتعلِّقة بالعقود والمعاملات.
تصفّح أيضًا: العلوم التربوية - Educational Sciences
ثانيًا: المهارات العقليَّة والأكاديميَّة
القدرة على تحليل النصوص الشرعيَّة واستنباط الأحكام منها.
تقييم الأفكار والنظريَّات المتعلقة بالقضاء والسياسة الشرعيَّة من خلال التفسير والاستنتاج.
التحلي بمهارات التفكير الاستراتيجي في مواجهة المشكلات المعقدة التي قد تواجه القاضي أو المُشرِّع.
القدرة على اتِّخاذ قرارات مدروسة تستند إلى المبادئ الشرعيَّة والمنهجية العلمية.
القدرة على ربط المفاهيم الشرعيَّة بالمواقف العمليَّة، وتقديم حلول مبتكرة تستند إلى مقاصد الشريعة.
القدرة على فهم السياقات المُتغيِّرة للمجتمع وتطبيق الأحكام الشرعيَّة بما يراعي تلك التغيرات.
التحلي بالمهارات اللازمة للاجتهاد في المسائل المستجدة، والقدرة على إيجاد حلول متوافقة مع أصول الشريعة الإسلاميَّة.
تصفّح أيضًا: اللغة العربية وآدابها - Arabic Language and Literature
ثالثًا: المهارات العمليَّة
القدرة على إعداد التقارير القضائيَّة وتحليل القضايا بشكل علمي.
استيعاب آليات العمل في المحاكم الشرعيَّة وتطبيق الأحكام الشرعية على القضايا الواقعية.
استخدام منهجيات البحث العلمي في حل المشكلات القضائيَّة والإداريَّة.
كتابة أبحاث وتقارير تتضمن استنتاجات علميَّة مدعومة بالأدلة الشرعية.
فهم آيات القرآن الكريم بتدبر واستنباط الأحكام منها.
تحليل النصوص الفقهيَّة والقانونيَّة ومقارنتها بالوقائع العمليَّة.
الاستفادة من تقنيَّات الاتصال الحديثة في تعزيز القدرة على التواصل مع الجمهور.
استخدام أنظمة إدارة القضايا والبرامج التقنيَّة لتنظيم العمل القضائي.
تصفّح أيضًا: علوم الأديان - Religious Studies
رابعًا: السمات الشخصيّة
النزاهة والأمانة لتطبيق الأحكام الشرعيَّة بعدالة وتجرُّد بعيدًا عن أي تحيز شخصي أو مصلحة خاصَّة.
العدالة والإنصاف والالتزام بإحقاق الحق دون الخضوع لضغوط خارجيَّة أو تأثيرات اجتماعية.
الصبر والتحمُّل والقدرة على العمل تحت ضغط وخصوصًا مع القضايا المُعقَّدة أو الطويلة بروحٍ من الصبر دون استعجال في إصدار الأحكام.
التحلي بالهدوء في المواقف الصعبة والقدرة على التركيز وضبط النفس.
التواضع والمسؤوليّة وإدراك أنَّ منصب القضاء والسياسة الشرعية ليس موقعًا للسلطة بل لخدمة للمجتمع.
الذكاء وحب الاستطلاع والرغبة المستمرة في التعلُّم وفهم القوانين الشرعية، سواءً من القرآن والسنّة مباشرةً أو من اجتهادات العلماء.
التحليل المنطقي المُتمثّل في القدرة على تحليل النصوص الشرعيَّة واستخراج الأحكام منها بطريقة دقيقة ومنهجيَّة.
القدرة على البحث والاستنباط لإجراء البحوث العلميَّة الشرعيَّة وإصدار أحكام فقهية مبنية على الأدلَّة.
القدرة على التواصل بفعاليَّة والاستماع الجيد للمتنازعين لفهم قضاياهم بعمق، علاوةً على التعبير عن الأفكار والأحكام بشكل واضح وسلس.
المرونة الاجتماعيَّة والتفاعل الإيجابي مع مختلف الطبقات الاجتماعيَّة والثقافات بجانب تقبُّل الاختلافات واحترامها عند التعامل مع أفراد المجتمع.
القيادة والحزم والقدرة على اتِّخاذ قرارات صارمة وحاسمة عندما يتطلب الأمر ذلك، مع ضمان التوازن بين الحزم والرحمة.
مهارات التفاوض والإقناع حتى تتمكّن من إقناع جميع الأطراف بحلول وسطية وفقًا للشريعة عند الحاجة.
الاستقلاليَّة في اتِّخاذ القرارات والثقة في النفس لاتخاذ قرارات شجاعة مبنيَّة على القوانين الشرعية دون التأثر بالآراء الخارجية.
التنظيم والانضباط وإدارة الوقت بفعاليَّة لإنجاز المهام المختلفة المتعلقة بالقضايا والمحاكم، بالإضافة إلى الحفاظ على تنظيم الوثائق والملفات القضائية لضمان سهولة الرجوع إليها.
القدرة على العمل تحت الضغط للتعامل مع القضايا المتعددة والمتشابكة دون فقدان التركيز.
الرغبة في الاطّلاع المُستمر لمواكبة المُستجدَّات في الفقه والقضاء من خلال حضور الدورات وقراءة الأبحاث الجديدة.
تصفّح أيضًا: العلوم الاجتماعية - Social Sciences
مجالات عمل تخصُّص القضاء والسياسة الشرعيَّة
يمكن لخريجي قسم القضاء والسياسة الشرعية العمل في المجالات الآتية:
1. العمل كقاضٍ شرعي في المحاكم الشرعية
نظرًا لأنّ خريج تخصُّص القضاء والسياسة الشرعيّة يتمتَّعون بالمعرفة الكافية في الأحكام الشرعيَّة والأنظمة القانونيَّة، فإنّ بإمكانهم اولي منصب القضاء في المحاكم الشرعيَّة. ويختص القاضي الشرعي بالنظر في القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية مثل الزواج والطلاق، والميراث، والنفقة، إضافةً إلى الفصل في المنازعات ذات الطابع الشرعي.
2. العمل في مجال المحاماة بشقِّها الشرعي
يُمكن لخريجي التخصُّص ممارسة المحاماة، خاصةً في القضايا التي تتعلق بتطبيق الأحكام الشرعية كالأحوال الشخصية والوصايا، حيث يُقدّم المحامون الشرعيون خدمات استشارية وتمثيل قانوني أمام المحاكم الشرعيَّة والهيئات القضائية الأخرى.
3. تقديم الاستشارات الشرعيَّة والقانونيَّة
يُمكن للخريجين العمل كمستشارين شرعيين وقانونيين في مؤسسات القطاعين العام والخاص لتقديم المشورة المتعلقة بالالتزام بالأحكام الشرعيَّة. تشمل هذه المؤسسات الوزارات، والشركات الكبرى، والبنوك الإسلاميَّة، والمؤسسات الماليَّة الأخرى.
في هذا المجال، يعمل المستشار الشرعي على توجيه القرارات الإداريَّة والقانونية بما يتوافق مع الشريعة الإسلاميَّة، ويُسهم في صياغة العقود والاتفاقيَّات من منظور شرعي.
4. التدريس في المؤسسات التعليميَّة
يُمكن للخريجين العمل في مجال التعليم في الجامعات والمدارس لتدريس مواد الشريعة الإسلاميّة، والقانون الإسلامي، وغيرها من المواد ذات الصلة.
تصفّح أيضًا: العلوم الجنائية - Criminal Science
5. الوظائف المرتبطة بالسلك الدبلوماسي والقنصلي والحكومي
يفتح هذا التخصُّص آفاقًا للعمل في مجالات مرتبطة بالسلك الدبلوماسي والقنصلي، حيث يُمكن للخريجين تقديم استشارات شرعيَّة وسياسيَّة لدعم السياسات الحكومية، وتمثيل الدولة في العلاقات الدولية والقضايا ذات الطابع الشرعي.
6. العمل كإمام وخطيب في وزارة الأوقاف
يُمكن للخريجين العمل كأئمَّة وخطباء في المساجد، حيث يُسهمون في توعية المجتمع بالقضايا الدينيَّة والشرعيَّة، وتقديم النصائح الشرعية التي تعالج المُشكلات الاجتماعيّة التي يعاني منها المُجتمع
7. مهام الإرشاد والإصلاح الأسري ومهام المأذون الشرعي
يُمكن للخريجين المساهمة في حل النزاعات الأسريَّة وتقديم استشارات إصلاحيَّة تهدف إلى الحفاظ على التماسك الأسري في المجتمع. كما يُمكن للخريجين القيام بمهام المأذون الشرعي، كتوثيق عقود الزواج وتقديم النصائح للمقبلين على الزواج بما يضمن استقرار العلاقات الزوجيَّة وفقًا للشريعة.
تصفّح أيضًا: إدارة الموارد البشرية - Human Resources Management
عدد سنوات دراسة تخصص القضاء والسياسة الشرعيَّة
تستغرق دراسة درجة البكالوريوس في تخصُّص القضاء والسياسة الشرعيّة أربع سنوات.
نسبة الطلب على تخصص القضاء والسياسة الشرعيَّة
يعد تخصُّص القضاء والسياسة الشرعيَّة من التخصُّصات التي تحظى باهتمام كبير في المجتمعات الإسلاميَّة، نظرًا لدوره الهام في تطبيق الأحكام المُستمدَّة من الشريعة الإسلاميَّة. وبالتالي، من المُتوقّع أن يظل الطلب على هذا التخصُّص مُستقرًا أو مُتزايدًا في البلاد الإسلاميّة، خاصةً مع زيادة عدد السكّان وزيادة الحاجة إلى وظائف في الهيئات الشرعيَّة والقضائيّة والحكوميّة مثل وزارة العدل.
خاتمة المقال
ختامًا، يُعد تخصُّص القضاء والسياسية الشرعيّة عنصرًا أساسيًا لدعم العدالة في البلاد الإسلاميّة لما له من دور هام في التعامل مع مُختلف قضايا المجتمع عبر الربط بين الأحكام الشرعيّة والواقع المُتغيّر باستمرار الذي نعيشه. من العمل في القضاء والاستشارات القانونيَّة والتعليم إلى المساهمات في الدبلوماسيَّة والتوجيه الأسري، يُقدِّم هذا المجال فرصًا متنوعة لإحداث تأثير مفيد في المجتمع. وفي النهاية، يبقى القرار لك لاختيار هذا التخصُّص الهام ليكون مجال عملك في المستقبل!
وأخيرًا، لا تنسَ التسجيل في موقع فرصة لتصلك كل مقالاتنا عن التخصصات المُختلفة أولًا بأوّل، والتي ستُزوّدك بكل ما تحتاج إلى معرفته عن أي تخصُّص ترغب في معرفة المزيد عنه حتى تتمكّن من اتّخاذ قرارك بشأن مهنتك المستقبليّة.
تصفّح أيضًا: الإرشاد والصحة النفسية - Counselling and Mental Health
تصفّح أيضًا: العلوم السياسية - Political Science
تصفّح أيضًا: علم الاجتماع - Sociology