هل يمكن للغرور أن يكون إيجابيا؟!
ما من أحدٍ منّا يحبّ التفاخر. لكن ما لا يعلمه الكثيرون هو أنّ الكبرياء في الواقع سيفٌ ذو حدّين. فإن لم تكن تملك كبرياءً كافيًا ستواجه مشاكل كثيرة في تقديرك لذاتك والشعور بالنجاح، وفي حال زاد كبرياؤك عن حدّه وصفك الآخرون بأنّك نرجسي ومغرور. فهل يمكن حقًا للاعتزاز والغرور أن يكون إيجابيًا؟
في مقال اليوم سنُلقي نظرة على أشكال الافتخار المتعدّدة، وكيف تؤثّر كلّ منها على حياتنا بل وكيف يمكن لمشاعر الكبرياء والاعتداد بالنفس أن تكون مفيدة لنا أحيانًا.
متى يكون الكبرياء سلبيا؟
جميعنا نعرف أنّ كلّ شيء زاد عن حدّه انقلب إلى ضدّه. والأمر ينطبق على الكبرياء أيضًا. بل هذا بالضبط ما يجعله أمرًا سلبيًا… ذلك أنّه يركّز على الإيجو والذات أكثر من تركيزه على المجموعة أو الكلّ.
يبدأ كلّ شيء بالمدح المبالغ فيه، حيث يسهم هذا الأمر في تعظيم "الإيجو" أو "الأنا" لدى الفرد، وتخلق لديه رغبة في الحصول على التأكيد من مصادر خارجية. فإن كنت تعتمد على المدح الخارجي لتحفيز نفسك، ستواجه صعوبة كُبرى في تحفيز الذات. كما أنّ الاستمتاع بالمدح المزيّف الذي لا تستحقّه قد يجعلك تغرق في دوّامة التفاخر العقيمة كوسيلة للحصول على المزيد من التشجيع والمدح من الآخرين.
ليس هذا وحسب، إذ أنّ الأشخاص الذين يتمتّعون بكبرياء مرتفعٍ جدًّا غالبًا ما يرون أنفسهم أعلى قيمة ومرتبة من غيرهم. وهو أمر سلبي في كثير من الأحيان، لأن أصحاب الكبرياء العالي نادرًا ما يميلون لطلب العون من الآخرين، الأمر الذي يجعلهم يعيشون حياة تعيسة جدًا.
نظرًا لكلّ هذه السمات والصفات التي تميّز ذوي الكبرياء العظيم، فنحن لا نميل للتواجد حولهم أو قضاء الوقت معهم.
لكن الكبرياء والغرور ليس سلبيًا على الدوام. إذ أنّ مدح الآخرين وتقبّل مديحهم أمرٌ صحّي وإيجابي للغاية حينما يكون في الوقت المناسب وبالقدر المناسب أيضًا.
من المهمّ تقدير جهود الآخرين حينما يقومون بعمل يستحقّ الشكر، وبالمثل من المهمّ الحصول على التقدير الكافي مقابل القيام بعمل مميّز، فما دام الشخص يتقبّل المديح على نحو يوازن فيه ما بين الفخر والتواضع، لن يكون هناك ضيرٌ أبدًا من الاعتراف بالإنجازات التي حقّقها.
5 أمور تثبت أن الغرور قد يكون إيجابيا أحيانا
فيما يلي خمسة أسباب تثبت لك أنّ التمتّع بقدر ملائم من الغرور والفخر قد يكون إيجابيًا حقًا في بعض الأحيان:
1- التمسك بالمعايير العالية
من المعروف عن الأشخاص ذوي الكبرياء العالي أنّهم يمتلكون معايير عالية لكلّ شيء في حياتهم الشخصية والمهنية، الأمر الذي يحقق لهم عادة نتائج ذات جودة أعلى.
2- مقاومة السلبية والتشاؤم
واحدة من أهمّ إيجابيات الكبرياء هي محاربة السلبية والتشاؤم!
كيف ذلك؟
حينما لا تسير الأمور كما تريد لها، فأنت بحاجة لبعض الكبرياء والغرور لتستطيع الاستمرار، ذلك أنّ كبرياءك لن يسمح لك بالاستسلام، وسيدفعُك قدمًا إلى الأمام لتحقيق ما تطمح إليه.
حينما تملك كبرياءً كافيًا، ستتجاهل العوائق من حولك، وستجد نفسك أكثر إيجابية وتفاؤلاً تجاه الحياة.
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات التفاؤل وكيف تتقنها؟
3- إنه إشارة أنك تهتم حقا!
عندما تشعر بالفخر تجاه عمل معيّن، أو شخصٍ معيّن أو حتى تجاه نفسك، فذلك إشارة على أنّك تهتمّ حقًا بأمر هذا الشيء أو الشخص.
فكّر في الأمر، لو لم يكن عملك يهمّك على سبيل المثال، لما شعرت بالاعتزاز لأنك تقوم به، ولما وجدت نفسك فخورًا بالنجاحات التي تحققها فيه.
4- تحفيز روح القيادة
هذه النقطة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بسابقتها، لأنك عندما تهتمّ بأمر ما، ستصبح على استعداد للقتال من أجله، وهكذا، حينما يحيط الخطر بهذا الشيء يتحوّل الشخص الفخور إلى فارس لحمايته، وهو ما يعود بنتائج إيجابية في الكثير من الأحيان.
5- التعاطف مع العائلة والأصدقاء
قد يبدو لك أنّ التعاطف والغرور لا يلتقيان أبدًا، لكن ذلك ليس مستحيلاً، فالشخص الذي يتمتّع بقدر مناسب من الفخر والاعتزاز بنفسه وعائلته يسعى دومًا لحمايتهم ورعايتهم، وتقديم الأفضل لهم. وهو ما يجعله أكثر تعاطفًا معهم.
كيف تستخدم الكبرياء لصالحك؟
ما دمت تغذّي الجوانب الإيجابية من كبريائك، وتحرص على إبقاء الإيجو لديك تحت المراقبة، فإن مشاعر الفخر والاعتزاز هذه قد تصبح ميزة حقيقية تساعدك للوصول إلى طموحاتك وأحلامك.
عليك فقط أن تتذكّر أمرًا مهمًا: احرص على ربط كبريائك بالمعايير العالية، والسعي للالتزام بهذه المعايير والابتعاد عن النرجسية أو المبالغة في الغرور.
فيما بضعة نصائح إضافية تساعدك على استغلال كبريائك لصالحك على نحو إيجابي:
1- رافق الأشخاص المناسبين
هنالك طرق متعدّدة لتغذّي من خلالها كبرياءَك بشكل إيجابي وتتجنّب الأنانية والغرور السلبي. وإحاطة نفسك بالأشخاص المناسبين قد يكون له عظيم الأثر في وضعك على الدرب السليم. ألم تسمع الجملة القائلة: "حياتك ما هي إلاّ نتيجة لحياة أكثر خمسة أشخاص تقضي وقتك معهم!"
لكن، من هم الأشخاص المناسبون حقًا؟
إنهم أولئك الذين يقدّمون لك الدعم والتشجيع، لكنّهم في الوقت ذاته صادقون معك، وينتقدونك إن كنت بحاجة لبعض النقد والنصح.
أمّا أولئك الذين يبالغون في مدحك طوال الوقت على كلّ صغيرة وكبيرة، فهم على الأرجح لن يقدّموا لك أيّ نفعٍ سوى تضخيم "الأنا" في داخلك.
احرص إذن على قضاء وقتك مع من يقدّرك حقًا وبصدق، لأن هؤلاء الأشخاص هم من سيُساعدونك على تطوير إحساس صحّي وإيجابي بذاتك.
اقرأ أيضًا: 14 طريقة سهلة تحطم ثقتك بنفسك دون أن تشعر
2- كن متواضعا
يمكنك بلا شكّ أن تنمّي شعورك بالفخر والاعتزاز وأن تبقى متواضعًا في الوقت ذاته...الأمر ليس مستحيلاً ولا ينطوي على أيّ تناقضات.
فقط لمجرّد أنّك حققت إنجازًا جيّدًا، لا يعني أنّ عليك المُضيّ لأبعد من ذلك والبدء بالتباهي والتفاخر طمعًا في الحصول على المديح من الآخرين.
عوّد نفسك على أن تكون مرتاحًا وراضيًا بحقيقة أنّك تبذل كامل جهدك لتحقيق أفضل النتائج، ولا يهم كثيرًا إن حصلت على توكيد أو مديح خارجي.
اقرأ أيضًا: 10 خطابات تحفيزية تدفعك قدما إلى الأمام
3- جرب كل ما هو جديد
حينما تجرّب أمورًا جديدة في حياتك، فأنت تمنح لنفسك إذنًا بألاّ تكون الأفضل فيما تفعله. سواءً انطوى الأمر على السعي لتحقيق أهداف إبداعية أو تطوير مهارة جديدة، احرص دومًا على اختيار طريق يجبرك على الخروج من منطقة الراحة الخاصّة بك.
القيام بهذا الأمر سيذكّرك بشعور أنّك مبتدئ، وبمجرّد أن تبرع في هذا الأمر الجديد، ستشعر بمزيد من الفخر الاعتزاز لأنك نجحت في تحقيق أمر جديد بنجاح. وهذا بالضبط ما يضمن لك التطوّر المستمرّ في جميع مناحي حياتك.
اقرأ أيضًا: ما هي منطقة الراحة وكيف تخرج منها | Comfort Zone؟
4- قم بما تحب
يحتاج الأشخاص غالبًا إلى توكيدات خارجية حينما يقومون بأعمال لا يحبونها.
فكّر في الأمر، حينما تلبس ثيابًا لا تعجبك كثيرًا، فأنت تشعر حينها أنّك بحاجة لسماع رأي الآخرين بما ترتديه، أكثر ممّا تفعل حينما تكون مرتديًا ملابس تحبّها كثيرًا!
الأمر ذاته ينطبق على كلّ شيء آخر تقوم به… في عملك على سبيل المثال، قد تسعى إلى التفاخر والغرور المبالغ فيه بما تفعله تجنّبًا لأي أحاسيس سلبية مرتبطة بكرهك لوظيفتك.
تذكّر ليس هناك شيء إيجابي ومُرضٍ على الدوام، لكن حينما تقوم بأمر تحبّه سينصبّ تركيزك على النجاح فيه وتحقيق المزيد من التقدّم فيه أكثر من تركيزك على ما يقوله الآخرون من مدحٍ أو ذمّ.
اقرأ أيضًا: 5 خطوات للعثور على مشروع يروي شغفك ويحقق لك الربح
5- خذ وقتك في مراجعة تصرفاتك
التوقّف لبعض الوقت من أجل التفكير في نفسك وقيمك ومشاعرك تجاه الحياة أمر مهمّ للغاية، ولابدّ لك من القيام به باستمرار. خصّص دومًا بعض الوقت للتفكير في مشاعرك وتصرّفاتك. هل تلاحظ أنك ربما قد بدأت تكتسب سلوكيات جديدة تنمّ عن كبرياء متزايد يصل حدّ الغرور والأنانية؟
من خلال مراقبة مشاعرك وتصرّفاتك باستمرار، سيكون في وسعك تعديلها وتصويبها قبل أن يحطّم الغرور المبالغ فيه حياتك بأكملها، وقبل أن يصبح شعورًا متأصّلاً فيك يصعب عليك معالجته أو التخلّص منه.
احرص دومًا على أن يكون لديك خطّة عمل تنفّذها في حال شعرت أنّ غرورك بدأ يخرج عن السيطرة، وفي حال وجدت نفسك عاجزًا عن تحديد هذه المشاعر أو التعرّف عليها، يمكنك على الدوام أن تلجأ إلى صديق تثق به أو مختصّ في المجال ليوجّهك إلى المسار السليم.
اقرأ أيضًا: ما هو الوعي بالذات وكيف تطوره؟
6- قم بشيء ما للآخرين
استفد من مهاراتك لمساعدة الآخرين. كأن تتكفّل برعاية زميل جديد لك في العمل وتوجيهه والإشراف عليه، أو أن تتطوّع بوقتك لخدمة المجتمع.
تقديم الخدمة للآخرين يضمن بقاءك متيقظًا لمشاعرك، ويمنح حياتك معنى وغاية. وحتى لو لم تكن تملك الكثير من الوقت، يسعُك بلا شكّ أن تجعل العالم أفضل من خلال القيام بأمور بسيطة للغاية.
كلمة أخيرة
ليس من العيب أن تشعر بأنّك ناجح أو أن تُسعد بما حققته من إنجازات ونجاحات، فهذا بلا شكّ حقّك، وسيُسهم بشكل كبير في رفع ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك. لكن المهم هو ألاّ تبالغ في مشاعرك هذه، وألاّ تنظر إلى نفسك على أنك مركز الكون أو أن تعتمد على المديح الخارجي والتوكيدات من الآخرين لتتقبّل ذاتك، فهذا بالضبط ما سيجعل كبرياءك يأخذ منحىً سلبيًا ويؤثّر على حياتك ويجعل منك شخصًا مغرورًا ينفر منه الآخرون ويتجنّبون رفقته.
ما هي برأيك المواقف الحياتية الأخرى التي يكون فيها الفخر والاعتزاز أمرًا إيجابيا يعود على صاحبه بالنفع؟ وهل هناك طرق أخرى تساعدك على اكتساب هذا الكبرياء الإيجابي في حياتك؟
شاركنا رأيك من خلال التعليقات، ولا تتردّد في التسجيل على موقعنا ليصلك كلّ جديد.
المصدر: lifehack
اقرأ أيضًا: فن اليقظة الذهنية | Mindfulness
اقرأ أيضًا: كيف تعثر على هدفك في الحياة؟
اقرأ أيضًا: 7 طرق لتكون سعيدا حتى في أصعب الظروف