هل تراجعت مكانة المملكة المتحدة كوجهة دراسية؟
تشهد المملكة المتحدة انخفاضًا حادًا في تأشيرات الطلاب الدوليين: ما وراء هذا الانخفاض؟
لطالما كانت المملكة المتحدة وجهةً رئيسيةً للطلاب الدوليين، إلا أنَّ البيانات الحديثة تشير إلى أنَّ جاذبيتها قد تتضاءل! ووفقًا لأرقام وزارة الداخليَّة البريطانيّة، شهد عدد تأشيرات الدراسة الصادرة في عام 2024 انخفاضًا ملحوظًا بنسبة 31%، حيث انخفض من 600,024 تأشيرة في عام 2023 إلى 415,103 تأشيرة هذا العام. ويثير هذا الانخفاض مخاوف بشأن التأثير المالي على المدن الجامعيَّة التي تعتمد بشكلٍ كبير على إنفاق الطلاب الدوليين.
اقرأ أيضًا: الدراسة في بريطانيا | دليلك الشامل وكل ما تحتاج إلى معرفته عنها
غموض يحيط بفرص العمل بعد الدراسة!
أعربت منظمة "جامعات المملكة المتحدة" - وهي منظمة تُمثِّل 141 جامعة في المملكة المُتحدة - عن قلقها إزاء نتيجة سياسات الهجرة الجديدة. وحذَّرت المجموعة من أنَّ التدابير التي تستهدف الحد من صافي الهجرة إلى المملكة المُتحدة قد خلقت حالة من عدم اليقين بشأن خيارات العمل بعد الدراسة في المملكة المتحدة، مما قد يزيد من عزوف الطلاب الدوليين عن الدراسة في المملكة.
وعلى الرغم من هذه المخاوف، تؤكد الحكومة أنَّ الطلاب الدوليين سيظلون موضع ترحيب في المملكة المتحدة. ومع ذلك، يرى المسؤولون بأنَّ مستويات الهجرة الصافية الأخيرة كانت مرتفعة بشكل غير مقبول، وأنَّه يجب اتخاذ خطوات لخفض هذه الأعداد بشكلٍ كبير.
اقرأ أيضًا: ميزات الدراسة في بريطانيا وأفضل المدن الدراسية في بريطانيا
مدينة كوڤنتري (Coventry) والاعتماد على الطلاب الدوليين
مدينة كوڤنتري هي مدينة إنجليزيّة رائعة وهي مركز جامعي رئيسي في ويست ميدلاندز (West Midlands) ويقوم اقتصادها بالكامل على الطلاب الدوليين. في الواقع، سجّلت جامعة كوڤنتري واحدة من أعلى نسب الطلاب الدوليين خارج لندن في العام الدراسي 2022-2023.
وفقًا لوكالة إحصاءات التعليم العالي (HESA)، من بين 35,405 طلاب في الجامعة، كان 16,285 طالبًا من خارج المملكة المتحدة. وبسبب نقص عدد الطلاب الدوليين مؤخرًا، تأثّرت المدينة بشكلٍ كبير اقتصاديًا وأصبح عدد كبير من الموظّفين بجامعة كوڤنتري مُهددين بالتسريح عن العمل.
اقرأ أيضًا: ما هي اهم المنح الدراسية في بريطانيا ؟
صعوبات سوق العمل في المملكة المُتحدة وتأثيرها على عدد الطلاب الدوليين
بالنسبة للعديد من الطلاب الدوليين، أصبح الحصول على فرص عمل بعد التخرُّج من جامعات المملكة المُتحدة أمرًا صعبًا بشكلٍ كبير. درست جينغوين يوان - مديرة مشاريع بناء سابقة من الصين تبلغ من العمر 30 عامًا - إدارة الهندسة المُتقدِّمة في جامعة كوڤنتري. وبعد أن دفعت 3,000 جنيه إسترليني للحصول على تأشيرة دراسات عليا للبقاء في المملكة المتحدة أثناء البحث عن عمل، لم تجد وظيفة بعد.
تقول جينغوين: "عاد جميع زملائي في الدراسة إلى الصين. تلقَّى بعضهم حوافز ماليَّة من الحكومة الصينيّة للعودة، بينما اضطررتُ لدفع رسوم للحكومة البريطانيَّة للبقاء. الفرق شاسع!".
ويعتقد محمد عبد الله سيد - طالب هندي يبلغ من العمر 21 عامًا - أنَّ القيود الأخيرة على التأشيرات تُشكّل عائقًا كبيرًا أمام الطلاب الدوليين. فالتغييرات التي طُبّقت في يناير 2024 تمنع طلاب الدراسات العليا من إحضار أفراد أسرهم المُعالين، وتُقيّد إمكانية تغيير تأشيرة الدراسة إلى تأشيرة عمل قبل إكمال البرنامج الدراسي. وقد أدَّت هذه الإجراءات إلى انخفاض بنسبة 85% في الموافقات على تأشيرات المُعالين، حيث انخفضت من 143,276 تأشيرة في عام 2023 إلى 21,978 تأشيرة فقط في عام 2024.
اقرأ أيضًا: ما هي فرص العمل للطلاب في بريطانيا ؟
ومن التحديَّات الأخرى التي يواجهها الطلاب الدوليون هي الفارق الكبير في الرسوم الدراسيَّة. فبينما يدفع طلاب المملكة المتحدة وقت كتابة المقال 9,250 جنيهًا إسترلينيًا سنويًا، يدفع الطلاب الدوليون ما بين 16,800 و20,050 جنيهًا إسترلينيًا سنويًا، حسب البرنامج الدراسي.
كما لعب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أيضًا دورًا كبيرًا في عزوف الطلاب الدوليين، وخاصةً طلاب الاتحاد الأوروبي. منذ عام 2021، أصبح طلاب الاتحاد الأوروبي الجدد مُلزمين بدفع رسوم دراسيَّة دوليَّة، ولم يعودوا مؤهلين للحصول على قروض الرسوم الدراسيَّة في المملكة المتحدة.
تقول الطالبة الإسبانيَّة لورا ألونسو - التي تدرس العلاقات الدوليَّة في جامعة كوڤنتري - إنَّها تشعر بالترحيب نظرًا لكثرة عدد الطلاب الدوليين في المدينة. ومع ذلك، تُقرّ بأن خروج المملكة المتحدة من برنامج التبادل إيراسموس+ ثبَّط عزيمة العديد من الطلاب الإسبان عن اختيار المملكة المتحدة كوجهة لدراستهم. في الوقت الحالي، يُموّل برنامج تورينج - الذي حل محل إيراسموس+ * الطلاب البريطانيين الذين يدرسون في الخارج فقط، ولا يدعم الطلاب الدوليين الوافدين.
اقرأ أيضًا: الدراسة في بريطانيا: افعل وتجنب التالي !
العواقب الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة لانخفاض أعداد الطلاب الدوليين في المملكة المُتحدة
على الرغم من الانخفاض العام في أعداد التأشيرات، أفادت خدمة القبول الجامعي البريطانية (UCAS) بارتفاع بنسبة 2.7% في طلبات الالتحاق الجامعيَّة الدوليَّة بين عامي 2024 و2025. ومع ذلك، لا تشمل هذه الأرقام طلبات الالتحاق ببرامج الدراسات العليا أو القبول المباشر من خلال الجامعات، مما يعني أن المدى الحقيقي لهذا الانخفاض لا يزال غير مُؤكَّد.
وتعاني جامعة كوڤنتري بالفعل من ضائقة ماليَّة نتيجة انخفاض أعداد الطلاب الدوليين المسجلين. وقد أصبح مئات من أعضاء هيئة التدريس معرضين لخطر التسريح، وينعكس هذا أيضًا على الاقتصاد المحلي. وتشير تقديرات الجامعة إلى أنَّ الطلاب الدوليين يساهمون بحوالي 651 مليون جنيه إسترليني سنويًا في اقتصاد كوڤنتري.
كما بدأت تظهر بوادر انخفاض الطلب على مساكن الطلاب، حيث تخضع العديد من مُجمَّعات السكن الطلابي لتغييرات لتحويلها إلى مساكن سكنيَّة لعامّة الناس. وأفاد وكلاء العقارات بأنَّ بعض الملاك يبيعون عقاراتهم بسبب انخفاض عدد الطلاب الدوليين المستأجرين.
اقرأ أيضًا: افضل 10 جامعات في بريطانيا
دليل جامعات بريطانيا تعرّف الآن على أفضل جامعات بريطانيا، واستكشف أهمّ البرامج الدارسية المتاحة فيها. تصفّح دليل الجامعات
ما هو التالي لسياسات الهجرة والتعليم في المملكة المتحدة؟
مع تكيُّف الجامعات مع هذه التغييرات، تواصل حكومة المملكة المتحدة المضي قدمًا في أجندتها لتقليل أعداد المهاجرين. وتهدف الورقة البيضاء للهجرة - هي وثيقة سياسيَّة أصدرتها حكومة المملكة المتحدة، وتُحدد التغييرات المقترحة على قوانين وسياسات الهجرة - إلى ربط سياسات الهجرة بتنمية المهارات المحليَّة، وتقليل الاعتماد على العمال الأجانب، ودعم النمو الاقتصادي.
وفي تصريحٍ لها، حذّرت فيفيان ستيرن - الرئيسة التنفيذيَّة لجامعات المملكة المتحدة - من أنَّ انخفاض أعداد الطلاب الدوليين لا يُمثّل مشكلةً للجامعات فحسب، بل للمجتمعات التي تستفيد من وجودهم أيضًا.
وقالت: "هناك أشخاص في جميع أنواع الصناعات يعتمدون على الطُلَّاب مثل الشركات المحليَّة، والمتاجر، والمقاهي، وسائقي سيارات الأجرة، ومصففي الشعر". وأضافت: "يُساهم الطلاب الدوليون بشكلٍ كبير في اقتصادات المملكة المتحدة، وهذا أمرٌ لا ينبغي أن نعتبره أمرًا مفروغًا منه".
وفي حين تُواجه المملكة المتحدة الآن مشكلة محاولة تحقيق التوازن المُعقّد بين الحد من الهجرة والحفاظ على سمعتها كدولة رائدة عالميًا في مجال التعليم، لا يزال مستقبل قطاع التعليم العالي فيها - والمجتمعات التي تعتمد عليه - غير مؤكَّد.
اقرأ أيضًا: أهم الأنشطة غير المكلفة التي يمكنك القيام بها أثناء الدراسة في بريطانيا
اقرأ أيضًا: الدليل الشامل حول دراسة اللغة الإنجليزية في بريطانيا
اقرأ أيضًا: دليلك الشامل لدراسة الدكتوراه في بريطانيا
المصدر: bbc
انضم الآن إلى منصة فرصة لتتمكن من التقديم على آلاف الفرص المجانية والحصول على أحدث الفرص فور صدورها.
مهندس ميكانيكا باور من مصر، أعمل على تصميم وتطوير أنظمة الطاقة والماكينات التي تعتمد على القوى الحركيَّة. لكن شغفي الحقيقي يكمن في البحث والكتابة، حيث أؤمن أنها وسيلة قوية لنقل الأفكار والتأثير في العالم من حولي.
دائمًا ما أسعى لإلهام الآخرين وتشكيل رؤيتهم حول مواضيع متنوعة مثل التكنولوجيا، الثقافة، العلوم، والتنمية الشخصية. لذلك، اخترت ملاحقة شغفي من خلال عملي في كتابة المقالات على موقع "فرصة"، إحدى أهم منصات صناعة المحتوى في الشرق الأوسط.