ما هي مهارات التفكير الابداعي ؟
يربط الأغلبية التفكير الإبداعي بالمهام والأنشطة الفنية، كتأليف رواية، رسم صورة أو تأليف مقطوعة موسيقية. وعلى الرغم من أنّ هذه الأنشطة تنمّ عن قدرات إبداعية مميزة إلاّ أن التفكير الإبداعي لا يقتصر على الفنون فقط. حيث أنّ العديد من الوظائف المرموقة عالميًا في مجالات الأعمال والعلوم، تتطلّب امتلاك مهارات التفكير الإبداعي.
فما هو يا ترى التفكير الإبداعي، ما هي أنواعه وكيف يمكنك أن تطوّر هذه المهارة لديك؟ هذا ما سنتعرّف عليه في مقال تعلّم اليوم.
ما هو التفكير الإبداعي؟
يُقصد بالتفكير الإبداعي، النظر للأمور بطريقة جديدة. ولعلّ أنسب تعريف له هو: "التفكير خارج الصندوق". ويتضمّن التفكير الإبداعي في هذه الحالة ما يسمّى بـ lateral thinking أو التفكير الجانبي، وهو القدرة على ملاحظة أنماط وأمور غير واضحة للعيان. إذ نرى مثلاً كيف تمكّن شيرلوك هولمز من استخدام هذا النوع من التفكير في إحدى قصصه الشهيرة، حيث تمكّن من إدراك أنّ عدم نباح الكلب هو مفتاح مهمّ لحلّ جريمة قتل.
وهكذا، فالأشخاص المبدعون يمتلكون القدرة على إيجاد طرق جديدة لإنجاز المهام الموكلة إليهم، وحلّ المشاكل التي تعترضهم والتحديات التي تواجههم، فيجلبون بذلك منظورًا جديدًا وغير اعتيادي لأعمالهم. الأمر الذي يسهم في تطوّر المؤسسات والأقسام داخل الشركات لتأخذ منحى أكثر إنتاجية. ولهذا تعدّ مهارات التفكير الإبداعي من السمات المميزة التي يبحث عنها أرباب العمل.
ما هي أشهر مهارات التفكير الإبداعي؟
كما سبق أن ذكرنا، لا تقتصر مهارات التفكير الإبداعي على القدرات الفنية وحسب. بل تتوسع لتشمل مختلف المناحي، وإليك فيما يلي أهمّ المهارات التي تعدّ من مكوّنات التفكير الإبداعي.
1- التفكير التحليلي:
قبل أن تبدأ بالتفكير بشكل إبداعي في أمر أو قضية ما، عليك أولاً أن تفهمها. ويتطلّب ذلك القدرة على تمحيص جميع جوانب المشكلة بعناية لفهم ما تعنيه كلّ جزئية. سواءً كنت أمام نصّ، مجموعة من البيانات، مخطط منهج دراسي، أو معادلة علمية، عليك دومًا أن تبدأ بتحليلها قبل الشروع في التفكير في حل إبداعي لها.
2- الانفتاح:
تنطوي الإبداعية على التفكير في أمور لم يأخذها أحد بعين الاعتبار من قبل. وهنا لا بدّ لك من أن تضع جانبًا أي افتراضات أو تحيّزات تمتلكها، وتنظر للأمور من حولك بطريقة جديدة تمامًا. وهكذا فالتطرق لمشكلة ما بعقل منفتح، سيتيح لك الفرصة للتفكير بشكل إبداعي.
3- حل المشكلات:
لا يبحث أرباب العمل عن الأشخاص المبدعين المثيرين للإعجاب وحسب. بل إنهم يرغبون في توظيف أشخاص مبدعين قادرين على حلّ المشكلات المرتبطة بالعمل. لذا عند التقدم لأي وظيفة، لا تكتفِ بذكر قدراتك الإبداعية، وإنّما وضّح كيف ساهمت قدراتك هذه على حلّ قضايا ومشكلات سابقة.
4- التنظيم:
قد يبدو هذا الأمر متعارضًا بعض الشيء مع ما هو متعارف عليه من أنّ الأشخاص المبدعين هم في الغالب أشخاص فوضويون. لكن لابدّ من التنويه إلى أنّ التنظيم يعدّ عاملاً مهمًا من عوامل التفكير الإبداعي. قد تجد نفسك فوضويًا بعض الشيء عند تجربة فكرة جديدة، لكنك تحتاج بعدها إلى ترتيب أفكارك وتنظيمها حتى يفهمها الآخرون ويتمكّنوا من السير وراء رؤيتك. أن تكون قادرًا على هيكلة خطة عمل ذات أهداف ومواعيد نهائية واضحة أمر في غاية الأهمية.
5- التواصل:
لن يقدّر أحد أفكارك الإبداعية أو الحلول الإبداعية التي أتيت بها إلاّ إذا امتلكت القدرة على إيصالها بفعالية للأشخاص الذين تعمل معهم أو أولئك المعنيين بهذه الحلول. لذا لابدّ لك من امتلاك مهارات تواصل قويّة سواءً شفويًا أو كتابيًا. ليس هذا وحسب، بل يتعيّن عليك أيضًا أن تكون قادرًا على فهم الموقف جيدًا لتتمكن من التفكير فيه بشكل إبداعي، وهذا الأمر لا يتأتّى إلاّ إذا كنت مستمعًا جيدًا وقادرًا على طرح الأسئلة الصحيحة التي تقودك في النهاية إلى فهم المشكلة المطروحة أمامك ومن ثمّ حلّها.
اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج معرفته عن خرائط العقل والتفكير وفوائدها وكيفية رسمها
اقرأ أيضًا: السلوك والذكاء: ايهما أهم لتحقيق النجاح ؟
اقرأ أيضًا: الشغف...ماهو؟ وكيف أتعرف على شغفي
كيف أطوّر مهارات التفكير الإبداعي؟
يؤمن الكثيرون بأنّك إمّا أن تكون مفكرًا مبدعًا أو لا تكون. لكن الواقع ليس كذلك، فالتفكير الإبداعي مهارة قابلة للاكتساب والتطوير بالتدرّب والتمرين. وفيما يلي 6 أمور يمكنك القيام بها لتعزيز مهارات التفكير الإبداعي لديك.
1- اقرأ عن مواضيع خارج نطاق اهتماماتك
ممّا لا شكّ فيه أننا جميعًا نحبّ القراءة عن أمور في مجالات تخصصاتنا واهتماماتنا، لكن هذا الأمر وإن كان مفيدًا في كثير من الأحيان، إلاّ أنه لا يسهم على الإطلاق في تعزيز التفكير الإبداعي. كلّ ما يمكن لهذا النوع من القراءة أن يمنحك إياه هو التحفيز أو الإلهام. لكن إن رغبت في تطوير التفكير الإبداعي، فعليك إذن بقراءة كتب ومقالات عن مواضيع خارج نطاق تخصصك، تطرّق إلى مواضيع جديدة واعرف عنها المزيد فلا شكّ أنّها ستمدّك بوجهة نظر جديدة تسهم في توليد أفكار إبداعية ومختلفة في رأسك.
2- قم بتمرين الـ 500 كلمة
هذا التمرين ممتع للغاية ومفيد في حال كنت تعجز عن تركيز أفكارك أو الخروج بأفكار جديدة. كلّ ما عليك فعله، هو أن تأخذ ورقة وقلمًا، أو تفتح صفحة جديدة على برنامج مايكروسوفت وورد، وتبدأ بالكتابة! لا يشترط أن تكتب عن موضوع معين، أو أن تدقّق ما كتبته، فقط أفرغ على الورق كلّ ما يخطر ببالك من أفكار حتى لو لم تكن مترابطة. ستتفاجأ في نهاية الأمر بنص جنوني غريب، ولكنك ستشعر بعدها بطاقة إبداعية كبيرة وستلحظ تدفق المزيد من الأفكار المبدعة في رأسك.
3- شاهد فيلمًا في السينما
قد لا تكون قاعة السينما مكانًا مألوفًا لتفكّر فيه، لاسيّما مع الشاشة الكبيرة، وهمسات المتفرجين، ورائحة الفشار الطازج، لكنّها مع ذلك مكان سيسهم بلا شكّ في تعزيز التفكير الإبداعي لديك. حيث أنّ مشاهدة فيلم خيالي على شاشة عملاقة تُشعرك بأنّك جزء من الفيلم، ستعمل بلا شكّ على توليد الكثير من الأفكار المميزة في رأسك.
4- استعن بالموسيقى
يعتقد البعض أنّ السكون المطبق هو الأفضل لتعزيز التفكير الإبداعي، إلاّ أنّ العديد من الدراسات أثبتت عكس ذلك، حيث أن السكون في واقع الأمر يسهم في تقوية التركيز، ممّا يعيق التفكير الإبداعي. إن كنت تعمل على حلّ مشكلة معقدة أو مهمّة تتطلب اهتمامًا شديدًا بالتفاصيل، فأنت في هذه الحالة بحاجة إلى السكون. أمّا إذا رغبت في تعزيز التفكير الإبداعي، فأنت تحتاج إلى بعض الأصوات أو الموسيقى من حولك. إنك بحاجة للعمل في بيئة مشابهة لتلك التي تجدها في كوفي شوب مثلاً.
من الجدير بالذكر أنّ هناك العديد من المقطوعات الموسيقية ومقاطع الصوت المعروفة بـ Ambient Noise التي يمكنك العثور عليها على الإنترنت والاستماع لها لتعزيز التفكير بشكل إبداعي.
5- أحط نفسك بالألوان المناسبة
تؤكّد الدراسات المختلفة، الواحدة بعد الأخرى على أثر الألوان على التفكير والحالة المزاجية للشخص، إذ نشر المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية في الولايات المتحدة، والمعروف بـ NCBI دراسة أثبت فيها أن للون الأزرق تأثيرًا إيجابيًا على الإبداعية ويسهم بشكل كبير في تعزيز التفكير الإبداعي. كما أن الأمر ذاته ينطبق على اللون الأخضر. وأي مكان أفضل لإيجاد هذين اللونين معًا غير الطبيعة والهواء الطلق. احرص على قضاء بعض الوقت خارجًا في أحضان الطبيعة ولاحظ أثر ذلك على مهارات التفكير الإبداعي لديك.
6- عليك بالعصف الذهني
استعن بشخص واحد على الأقل للقيام بهذا التمرين، واطلب منه الجلوس معك لمدة تترواح بين 45 إلى 60 دقيقة، للقيام بجلسة عصف ذهني. احرص على أن تبعد كلّ الوسائل التكنولوجية من حولك، واستعن بورقة وقلم بدلا من الحاسوب أو الهاتف المحمول.
اختر فكرة أو موضوعًا تودّ أن تجري عصفًا ذهنيًا عليه، وابدأ أنت ورفيقك بكتابة جميع الأفكار التي تخطر لك فيما يتعلّق بالموضوع الذي اخترته، مع الحرص على عدم انتقاد أيّ فكرة من الأفكار التي تمّ تدوينها مهما كان السبب.
قد ينتهي بك المطاف بالعثور على 100 فكرة مريعة، لكن كن واثقًا أنّ هناك من بين تلك الأفكار السيئة، فكرة أو اثنتان جيدتان. ومع التمرين المستمر ستتمكّن من العثور على أفكار أفضل.
ماهي برأيكم العادات والتمارين الأخرى التي قد تسهم في تعزيز التفكير الإبداعي لديكم؟ شاركونا بها في صندوق التعليقات في الأسفل.
اقرأ أيضًا:ما هي منطقة الراحة وكيف تخرج منها Comfort Zone؟
اقرأ أيضًا: كيف نفهم مشاعر الآخرين وهل لدينا علم بما يحتاجونه منّا بالفعل؟
اقرأ أيضًا: تعرف على أهم 5 كتب قرأها بيل غيتس
المراجع:
https://www.thebalancecareers.com/creative-thinking-definition-with-examples-2063744