ريادة الأعمال للانطوائيين: حقيقة ممكنة أم حلم بعيد؟
قد يبدو مصطلح "ريادة الأعمال للانطوائيين" غريبًا بعض الشيء، خاصّة أن مفهوم الريادة والأعمال يرتبط غالبًا بالانفتاح ومهارات التواصل والتشبيك مع الآخرين. وهي سمات قد يفتقر لها الانطوائيون.
في مقال اليوم سنتطرّق للحديث عن ريادة الأعمال، ولكن من منظور آخر… ألا وهو منظور الأشخاص الانطوائيين أو الـ Introverts باللغة الإنجليزية، فهل تصلح الريادة لهم يا ترى؟ وما هي أهم النصائح التي يمكن لك كشخص انطوائي اتباعها حتى تحقّق نجاحًا في مجال الأعمال؟
هل أنت انطوائي؟
إحدى أسرع وأسهل الطرق لتحدّد ما إذا كنت شخصًا انطوائيا أم لا، هي بالنظر إلى الطريقة التي تقضي بها يوم ميلادك!
الأشخاص المُنفتحون غالبًا ما يخطّطون لحفلات ميلادهم بأنفسهم، ويُسعدون بكونهم محطّ الاهتمام من قبل أصدقائهم ومعارفهم وكلّ من في المطعم أو المقهى الذي يحتفلون فيه بيومهم المميز هذا.
ومن ناحية أخرى، نجد أنّ الانطوائيين يفضّلون إبقاء يوم ميلادهم سرًّا، ولا يحبون الحفلات الصاخبة المفاجئة، ولا يجدون ما هو أكثر إحراجًا من أن تغني لهم مجموعة من الناس "عيد ميلاد سعيد!"
هذه بالطبع وسيلة عامّة للغاية للكشف ما إذا كنت انطوائيًا أم لا، لكنها ستعطيك فكرة أوّلية عمّا يمكن أن تكونه.
في حال رغبت في معرفة المزيد حول طبيعة شخصيتك، ما عليك سوى تجربة اختبار تحليل الشخصية من موقع فرصة.
الفرق بين رائد الأعمال الانطوائي والمنفتح
غالبًا ما يستمدّ الانطوائيون طاقتهم من البقاء بمفردهم. هذا الأمر يختلف عن كونهم خجولين، إذ يوجد الكثير من الانطوائيين الاجتماعيين. فضلاً عن ذلك، فهم حسّاسون للغاية، يستمعون ويراقبون باهتمام، ويقضون الكثير من وقتهم في النظر إلى دواخلهم.
نتيجة لذلك، نجد أنّ رائد الأعمال الانطوائي (إن ظهر يومًا على العلن) يتميّز بالآتي:
- سيكون إمّا كاتبًا أو مخرجًا فنيًا أو مبرمجًا في حدث معيّن.
- ستجده على الأغلب يقف بمفرده، أو يتحدّث باهتمام مع شخص واحد فقط.
- سيكون متشوّقًا لانتهاء الأمسية والعودة إلى غرفته كي يعيد شحن طاقته.
- بالتأكيد لن يكون ريادي الأعمال الانطوائي واقفًا على المسرح ليخبر الحضور الكبير بقصته الطويلة نحو النجاح.
وعلى الجانب الآخر من المعادلة، نجد روّاد الأعمال المنفتحين متشوّقين للتعرف على أشخاص جدد وتوسيع أعمالهم، يمكن تمييزهم على الأغلب من خلال واحدة من السمات التالية:
- سيكونون في مجموعات كبيرة يتحدّثون ويضحكون مع أشخاص تعرّفوا عليهم للتوّ.
- بدلاً من مغادرة الحدث باكرًا فهم على الأغلب سيكونون آخر الحضور.
- ليس لديهم أيّ مشكلة في عقد لقاء آخر مباشرة بعد انتهاء الأمسية لمواصلة الحديث مع أصدقائهم الجدد.
هل يوجد مكان للإنطوائيين في عالم الريادة؟
الجواب هو نعم! في الواقع تشير الكثير من الأمثلة الحيّة إلى أنّ الأشخاص الانطوائيين قادرون على أن يصبحوا روّاد أعمال ناجحين ومميزين.
- بيل غيتس، الذي يعدّ أغنى رجل في العالم اليوم بثروة تبلغ قيمتها 79.2 مليار دولار شخصٌ هادئ ومنطوٍ على نفسه (انطوائي لكن ليس خجولاً).
- وارن بافيت أحد أشهر المستثمرين ورجال الأعمال شخص انطوائي أيضًا.
- جي. كي. رولينغ كانت خجولة لدرجة أنّها لم تستطع أن تطلب من أحد إعارتها قلمًا لتدوّن أفكارها وهي على متن القطار، والتي تحوّلت فيما بعد إلى سلسلة روايات هاري بوتر الشهيرة.
والقائمة تطول وتطول لتقدّم لنا دليلاً على أنّ الانطوائيين وإن كانوا منعزلين على أنفسهم، غير أنّهم قادرون على التفوّق والنجاح في عالم الريادة.
السمات الشخصية التي تجعل الانطوائيين رياديين ناجحين
فيما يلي مجموعة من السمات الشخصية التي يتميّز بها الأشخاص الانطوائيون، والتي تزيد من فرصهم في تحقيق النجاح في مجال ريادة الأعمال:
1- يسعون إلى تحقيق شغفهم بدلاً من السعي لجذب الاهتمام
غالبًا ما يكون الانطوائيون شغوفين جدًّا بأفكارهم، فتجدهم منشغلين بالعمل لجعل هذه الأفكار حقيقة على أرض الواقع، يتواصلون ويكتسبون الخبرات الجديدة ويتعلمون من أجل إنجاح أفكارهم، ولا يهمّهم أن يذيع صيتهم أو تهتمّ بأمرهم وسائل الإعلام والتواصل.
بالنسبة لهم، هم يحققون طموحهم، وفي ذلك يجدون سعادتهم.
اقرأ أيضًا:5 خطوات للعثور على مشروع يروي شغفك ويحقق لك الربح
2- يفكرون جيدا قبل اتخاذ أي خطوة
إلى جانب التركيز على إنجاز عملهم كما يجب، يمتلك الانطوائيون القدرة على الجلوس بمفردهم لساعات طويلة. ممّا يعني أنهم يمنحون أنفسهم مجالاً للتفكير بعمق في الخطوة التالية لأعمالهم التجارية بدلاً من الانجذاب السريع للمُلهيات أو الأهداف قصيرة الأمد.
وهو ما يفتقر إليه روّاد الأعمال المنفتحون في كثير من الأحيان، المحاطون على الدوام بالكثير من الأشخاص ممّا يحول بينهم وبين الحصول على وقت مستقطع للتفكير بروية في المرحلة القادمة من أعمالهم.
3- يحسنون الاستماع للآخرين
يتمتّع الأشخاص الانطوائيون في الغالب بقدرة أكبر على الاستماع والتعاطف مع الآخرين. وهي مهارات ذات فائدة كبيرة في عالم الأعمال.
عندما يكون العميل أو الموظف أو الزبون منزعجًا، نجد أن الريادي الانطوائي أكثر قدرة على فهم حاجاتهم واستخدام التفكير النقدي من أجل حلّ مشاكلهم، بدلاً من التسرّع في إظهار ردّ فعل قد يؤذيهم ويضرّ الشركة.
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات الاستماع وكيف تطورها
4- يأخذون أفكار الآخرين بعين الاعتبار
بالإضافة إلى كونهم مستمعين جيّدين، فالرياديون الانطوائيون يبحثون دومًا عن أفضل الحلول، ونادرًا ما يسمحون لكبريائهم أن يتغلّب على بصيرتهم.
في الوقت الذي يسعى فيه الرياديون المُنفتحون إلى التسويق لأفكارهم الخاصّة، نجد أنّ الريادي الانطوائي يركّز على أخذ أفكار الآخرين بعين الاعتبار وتحليلها، ومن ثمّ تقديم تغذية راجعة مناسبة تحقق المنفعة العامّة.
5- متواضعون
لا يخشى الانطوائيون من الاعتراف بأخطائهم، إنهم متواضعون وقادرون على رؤية الأمور من وجهة نظر الآخرين. وهو ما يجعل منهم رياديين ناجحين، فلا أحد يريد أن يعمل مع أو تحت سلطة مدير متسلّط لا يرى أخطائه ولا يعترف بها.
9 نصائح للانطوائيين كي ينجحوا في عالم الريادة
في عالم الريادة الذي يغلب عليه الانفتاح، من المهم أن يتمكّن الانطوائيون من تحديد نقاط قوّتهم والاستفادة منها في تحقيق النجاح الذي يطمحون إليه.
إليكم 7 نصائح تساعدكم على التميّز في عالم الريادة، حتى وإن كنتم من الشخصيات الانطوائية.
1- تقبّل سماتك الشخصية
يشعر الكثير من الأشخاص الانطوائيين بالحرج من كونهم هادئين جدًا، أو حسّاسين أو خجولين أو غيرها من السمات المرتبطة بهذا النوع من الشخصيات.
هنالك العديد من الاختلافات البيولوجية بين طريقة كلّ من الانطوائيين والمنفتحين في الاستجابة للأحداث من حولهم. بدلاً من التركيز على جوانب الضعف، ركّز على مميزات أن تكون انطوائيًا.
هدوئك الذي تخجل منه قد يكون وسيلة مهمّة لتفهم حاجات الآخرين وبالتالي بناء علاقات قويّة معهم، والتعاون معهم للخروج بالأفكار والمنتجات الجديدة المبتكرة.
2- اختر طبيعة عملك الريادي بذكاء
الخطوة الأولى للدخول إلى عالم الريادة هي باختيار طبيعة العمل أو النشاط التجاري بذكاء. قبل أن تكتب خطّة العمل، ادرس فكرتك جيدًا وتأثيرها الحالي والمستقبلي على شخصيتك واحتياجاتك العقلية والعاطفية.
التزم بالآتي:
- استفد من نقاط قوّتك
غالبًا ما يفضّل الإنطوائيون عزل أنفسهم والعمل على مهامّ محدّدة بمفردهم. ربما تكون شغوفًا ببرمجة التطبيقات المختلفة في العمل، أو قد تجد في نفسك حرفيًا ماهرًا في الأعمال الخشبية.
في كلتا الحالتين، ركّز على بناء عملك التجاري الخاصّ بحيث يلبي نقاط قوّتك. هنالك دومًا شيء يمكنك القيام به ويعجز عنه الأشخاص المنفتحون، اعثر عليه واستغلّه جيّدًا.
- قلّل نسبة التفاعل الاجتماعي
حينما تبدأ بالتخطيط لمشروعك التجاري الخاص، حاول العثور على نموذج أعمال لا يحتاج إلى الكثير من التواصل الشخصي. يمكنك على سبيل المثال تجنّب الاستشارات المباشرة وجهًا لوجه أو الورشات التدريبية المكتظّة.
يُفضّل أيضًا أن تعتمد على الأدوات المختلفة ذات الفعالية المُثبتة بدلاً من اللجوء إلى أشخاص آخرين.
- ابدأ صغيرًا
أيًّا كانت طبيعة العمل التجاري أو المشروع الذي تؤسسه، ابدأ به صغيرًا. وظّف الأشخاص الذين تحتاجهم فقط، وهكذا حتى تعتاد على دورك كرئيس للشركة، وتتجنب إثقال كاهلك بالكثير من المواقف والأشخاص.
اقرأ أيضًا: ما هي أنواع ريادة الأعمال وأي نوع من رواد الأعمال أنت؟
3- اعثر على أشخاص يكمّلونك
إن كنت انطوائيًا جدًّا، فربما من الأفضل أن تعثر على شركاء عمل وموظفين يكمّلون شخصيّتك ومهاراتك.
على سبيل المثال، إن كنت تكره فكرة تقديم عرض مبيعات للغرباء، ولا تفضّل التحدّث مع الآخرين بشكل عام، اعثر على شريك عمل منفتح ذو شخصية صريحة ويحب إجراء المحادثات والدخول في الحوارات والمناقشات مع الغير.
تذكّر دومًا، الانطواء هو مجموعة من نقاط القوّة ومواضع الضعف، وكذلك الحال مع الانفتاح، وتحتاج للاثنين معًا كي تبني عملاً تجاريًا أو مشروعًا ناجحًا.
4- تعلّم كيف تدير طاقتك
حتى أثناء تواجدهم مع أصدقائهم، يشعر الإنطوائيون بالحاجة إلى شحن طاقتهم في كلّ مرّة يقضون فيها الوقت مع الآخرين. لذا من المهمّ أن تكون قادرًا على إدارة طاقتك كريادي أعمال.
قد تحتاج إلى الاعتذار عن حضور الجلسة المسائية في مؤتمر ما، أو تجنّب حضور الغداء أو العشاء الجماعي في حدث معيّن.
احرص على تخصيص بعض الوقت لقضائه مع نفسك بعد الاجتماعات الكبيرة والفعاليات المكتظّة، ولا تتردّد في الاعتذار عن حضور بعض اللقاءات إن كان بإمكان شخص آخر أن يحلّ محلّك فيها.
تذكّر أن إعادة شحن طاقتك وقضاء الوقت بمفردك ضروري لصحتّك النفسية والجسدية على حدّ السواء، وللنجاح في أداء عملك كما يجب أيضًا.
اقرأ أيضًا: 10 صفات تميز رواد الأعمال الناجحين
5- تعلّم إدارة الناقد في داخلك
يمتلك الإنطوائيون وعيًا كبيرًا بأنفسهم، وهم يقظون للغاية. في حين أنّ ارتكاب خطأ بسيط - مثل سكب كوب من العصير في اجتماع ما- قد يكون حادثًا عابرًا يأخذه الشخص المنفتح بروح رياضية. فإنّ مثل هذه الحادثة قد تتحوّل إلى كابوس بالنسبة لشخص انطوائي.
في مثل هذه الأوقات، يطلق الانطوائي سراح الناقد العظيم في داخله، وتجده يصف نفسه بالأخرق أو الأحمق أو غير المنظّم، وربّما يتذكّر كلّ المواقف التي حصلت في حياته التي تثبت له فكرته هذه!
إن كنت من هذا النوع من الانطوائيين، فعليك أن تتعلّم السيطرة على هذا الناقد في داخلك. وأن تأخذ الأمور من حولك ببساطة أكبر. يمكنك تحقيق ذلك من خلال:
- تمرينات التأمل.
- ممارسة التوكيدات الإيجابية.
- الاستعانة بمدرّب متخصص في تطوير الذات.
6- اعثر على طريقة مناسبة لإيصال أفكارك
بما أنّ المنفتحين يحبّون الكلام والتعبير عن آرائهم، فالانطوائيون غالبًا ما يواجهون صعوبة في التعبير عن آرائهم خلال الاجتماعات. حاول أن تعثر على الطريقة المناسبة لتوصل أفكارك وآرائك للبقية من خلال واحدة مما يلي:
تدرّب على القيام بالمداخلات خلال الحوارات والاجتماعات، ما عليك سوى أن تقول بثقة جملة مثل: "لدي مجموعة من الأفكار أودّ مشاركتكم إياها."
إن لم تكن تفضّل أسلوب المداخلة، يمكنك أن تطلب وضعك على أجندة الاجتماع، حضّر أفكارك وتدرّب على كيفية عرضها.
فكّر في أسلوب آخر لعرض أفكارك غير الكلام المباشر، يمكنك استخدام برامج العروض التقديمية مثل Powerpoint أو Prezi أو غيرها. أو يمكنك ببساطة مشاركتها مع بقية الفريق من خلال الإيميل.
اقرأ أيضًا: نصائح لإنشاء عرض تقديمي احترافي Presentation
7- كن صبورًا مع الأشخاص المنفتحين
حينما تتعامل مع العملاء أو الزملاء في العمل أو حتى موظفيك من أصحاب الشخصيات المنفتحة، حاول أن تتفهّم أنهم يفكرون بطريقة مختلفة عنك. فهم يستمدّون طاقتهم من خلال لقاء الآخرين القيام بالأنشطة الجماعية.
إنهم لا يفعلون ذلك لإزعاجك أو بغرض استفزازك، وإنّما تلك هي طبيعتهم. لذا استمع لأفكارهم (ضمن المعقول) وحاول العثور على نقطة مشتركة يتفق عليها الطرفان.
وهكذا نجد أنّ في عالم الريادة المنفتح، هنالك مكان للشخصيات الانطوائية أيضًا، صحيح أنّ الأمر قد يكون أصعب بالنسبة لهذه الشخصيات، لكنّه ليس مستحيلاً، ما عليك سوى تذكّر أمرين مهمّين:
- أوّلا: شخصيتك الإنطوائية ليست لعنة، وإنما هبة يمكنك الاستفادة منها للنجاح في عالم الأعمال.
- ثانيًا: سواءً كنت انطوائيًا أم لا، ستواجهك على الدوام عقبات ومواقف تُشعرك بالتوتر وعدم الارتياح، درّب نفسك على أن تكون مرتاحًا في المواقف غير المريحة، وتتقبل فكرة الخروج عن منطقة الراحة. ذلك هو السبيل الأمثل لتحقيق طموحاتك فانطلق في الحال!
لمعرفة المزيد حول سمات الشخصيات المنفتحة وكيفية اكتساب بعضها، اقرأ مقالنا: كيف أصبح شخصًا منفتحًا؟ على منصّة تعلّم. ولا تتردّد في التسجيل على موقعنا ليصلك كلّ جديد.
المصدر: entrepreneur
اقرأ أيضًا: 10 إشارات أنك بحاجة للعمل لحسابك الخاص
اقرأ أيضًا: كيف تحصل على منحة مالية لتمويل مشروعك؟
اقرأ أيضًا: ماهي مهارات الإقناع والتأثير وكيف يمكنك تطويرها