تعرف على متلازمة المربع المفقود وكيفية التعامل معها The Missing Tile Syndrome
تخيّل أنّك ذهبت في يوم من الأيام إلى عيادة الأسنان، وبينما كان طبيب الأسنان يعالج أسنانك، رحت تنظر إلى السقف المكوّن من مربعات متوسطة الحجم، ثمّ فجأة لاحظت أنّ هناك مربّعًا مفقودًا في مكان ما من السقف.
على الرغم من محاولاتك لتجاهل أمر المربع الناقص، ستجد نفسك لا إراديًا تحدّق في مكانه متناسيًا بقية المربعات الموجودة في السقف! وهذا يا صديقي ما يسمّى بمتلازمة المربّع المفقود.
اقرأ أيضًا: كيف أحل مشكلتي
الأمر لا يقتصر فقط على سقف عيادة طبيب الأسنان، فهو يتوسّع ويمتدّ ليشمل جميع جوانب الحياة، حيث أننا جميعًا نفتقد لشيء ما، وهذه الأشياء هي المربعات المفقودة في حياتنا.
اقرأ أيضًا: الفرق بين القيادة والإدارة: أيّهما أفضل؟
في الواقع، لو كان الأمر متعلّقًا بالسقف وحسب، لما شكّل ذلك أيّ معضلة، فبمجرّد استبدال المربع المفقود سيحلّ القضية، وسيعود السقف إلى سابق عهده، أمّا في الحياة الواقعية، فهناك أمور مهما حاولت وبذلت من جهد، ستبقى ناقصة ولا مجال لاستبدالها أو إصلاحها، لأن الحياة ببساطة ليست ولا يمكن أن تكون مثالية خالية من المشاكل أو النقص.
اقرأ أيضًا: كيف أتخلص من الاحباط و السلبية
قد لا يحدث لتركيز على المربع المفقود في السقف أيّ ضرر، لكنّ التركيز على مربعات حياتك المفقودة أمر خطير للغاية، فقد يسلب منك مشاعر الرضا والامتنان والسعادة ليستبدلها بمشاعر سلبية كالندم والنقمة والغيرة والحسد وغيرها، وهذا ما يسمّى بمتلازمة المربع المفقود. فما هو المقصود بهذا المصطلح؟ وكيف يمكنك التغلّب عليه وحماية نفسك منه؟
متلازمة المربّع المفقود أو The Missing Tile Syndrome في اللغة الإنجليزية، هو مصطلح أوجده دنيس براجر Dennis Prager، ويعني ببساطة التركيز على كلّ النواقص في حياتنا، ممّا يفقدنا السعادة ومتعة اللحظة الراهنة.
اقرأ أيضًا: كيف تفكر باللغة الانجليزية لتتعلم أن تتحدث بطلاقة
هل تجد تفكيرك منصبًّا دائما على الأمور التي لا تملكها بدلاً من النظر إلى تلك الموجودة في حياتك؟ في حال كنت كذلك، فما الذي يجب عليك فعله، للتعافي من متلازمة المربع المفقود؟
كما نعلم جميعًا، فإن الاعتراف بالمشكلة، يعتبر أولى خطوات الحلّ، إلاّ أنّ دنيس براجر يقدّم أيضًا عددًا من الاقتراحات الفعّالة التي تسهم في تجاوز هذه المعضلة، حيث أنّه يقترح القيام بإحدى الأمور التالية:
1- احصل على المربع المفقود
إذا توصّلت إلى قناعة بأن "المربع المفقود" في حياتك ضروري وأساسي لسعادتك، فيمكنك في هذه الحالة البحث عن طريقة ما للوصول إليه. مثلاً، إن كنت ترى أنّ امتلاك سيارة ضروري لتشعر بالسعادة، يمكنك أن تدّخر المال لتحقّق أمنيتك، أو تستطيع شرائها من خلال الحصول على قرض من أحد البنوك. في حال كان السفر حول العالم أحد أساسيات السعادة لديك، باستطاعتك في هذه الحالة أن تقدّم على منح التطوع في الخارج أو فرص الإقامة أو البحث عن وسائل للسفر بأقل التكاليف. إن كان القوام الجميل هو مربّعك المفقود، يمكنك البدء باتباع حمية غذائية وممارسة الرياضة حتى تصل إلى الوزن المثالي الذي تطمح إليه...وهكذا، فالأمثلة كثيرة لا تعدّ ولا تحصى.
تعرّف على فرص السفر الى الخارج المتاحة على موقع فرصة
اطّلع أيضًا على فرص التبادل الثقافي المتاحة على فرصة
2- إنسَ أمر المربع المفقود
على الرغم من أنّ هذه الخطوة ليست سهلة، لكنها الحلّ الوحيد في بعض الأحيان نظرًا لأن بعض الأشياء يستحيل الوصول إليها. وهنا يحكي دنيس براجر قصته مع نسيان المربع المفقود، فبعد انفصاله عن زوجته، لم يعد باستطاعته قضاء الكثير من الوقت مع ابنه نظرًا لأن الحضانة كانت لوالدة الطفل. وهنا بات دنيس يفتقد ابنه كثيرًا ويركزّ على حقيقة ابتعاده عنه وعدم قدرته على رؤيته بشكل يومي، لكن لم يكن باستطاعته تغيير شيء في هذا الأمر، فبدأ تدريجيًا بتعويد نفسه على تقبّل الحقيقة ونسيان الماضي، وركّز بدلاً من ذلك على جعل الأوقات التي يقضيها مع ابنه سعيدة ويستمتع خلالها ما أمكنه ذلك. أمّا عند عودة ابنه من جديد إلى والدته، حرص دنيس وقتها على أن يشغل نفسه بأمور أخرى يستمتع بها إلى أن تقبّل الواقع الجديد وتخلّص من متلازمة المربع المفقود في حياته.
اقرأ أيضًا: 10 طرق للتحدث أمام الناس دون خوف
3- استبدل المربع المفقود
قد لا نتمكّن أحيانًا من الحصول على ما نتمنّاه بالضبط. لكننا مع ذلك قادرون على العثور على بدائل أخرى تشعرنا بالرضى. على سبيل المثال، لنفترض أنّ هناك فتاة تطمح دومًا للوصول إلى الألعاب الأولمبية، إلاّ أنها وبرغم محاولاتها، لم تنجح في ذلك. بدلاً من الاستسلام والعيش في حزن وحسرة، تستطيع أن تؤسس ناديًا رياضيًا، أو أن تصبح مدرّبة رياضية للأطفال، فتواصل بذلك شغفها في المجال الرياضي حتى لو لم تنجح في تحقيق حلمها الأساسي، ومن يدري فقد يتأهل الفريق الذي تدرّبه إلى الألعاب الأولمبية في نهاية المطاف.
اقرأ أيضًا: الشغف...ماهو؟ وكيف أتعرف على شغفي
ولابدّ من أن ندرك أمرًا مهمًَا آخر، وهو أنّه لا يوجد قانون على هذه البسيطة يجبرك على استبدال مربع مفقود واحد بمربع آخر واحد فقط، فعدّة مربعات صغيرة أخرى ستفي بالغرض.
إن كان النقص أو الفراغ الذي في حياتك عظيمًا، يمكنك دومًا البحث عن عدّة أمور صغيرة أخرى تسعدك تملأ بها هذا الفراغ شيئًا فشيئًا.
كيف أحمي نفسي من متلازمة المربع المفقود؟
الوقاية دومًا غير من العلاج، لا تنتظر أن تصاب بمتلازمة المربع المفقود، واعمل على حماية نفسك منها من خلال الالتزام بالأمور التالية:
1- تجنّب الطمع
الطمع هو تلك الرغبة القوية في امتلاك ما لدى الآخرين. وهو غالبًا ما ينشأ داخل عقلك، على الرغم من أنه قد لا يكون واضحًا للعيان، لكن الطمع والرغبة الشديدة في الحصول على شيء ما، سيجعلك تفكّر بهذا الشيء طوال الوقت ممّا ينعكس على أقوالك وأفعالك.
لعلّ أسوأ ما في الطمع أنّه يحرمك الشعور بالرضا، فكلّما حصلت على شيء ما، رغبت في شيء آخر وهكذا إلى أن يقودك طمعك إلى تصرّفات أخرى لا تحمد عقباها، كالسرقة والكذب وربما حتى ارتكاب جرائم القتل.
احمِ نفسك من هذا الشعور الفتّاك، ولا تنظر لما لدى الآخرين، كن راضيًا بما لديك واعمل بجدّ لتحصل على ما ينقصك.
اقرأ أيضًا: خمس طرق للتخلص من السلبية وتحقيق السلام الداخلي
2- كن شكورًا
لنعد مجدّدًا إلى مثال عيادة الأسنان والمربع المفقود في السقف، لقد ألهاك التركيز على المربّع الناقص الواحد عن رؤية عشرات المربعات الأخرى التي تملأ السقف! وهذا بالضبط ما يحصل في حياتك، تركيزك على النواقص يلهيك عن كلّ النعم التي لديك. لا يوجد شخص على هذه الأرض يعيش حياة مثالية تمامًا، لكن الفرق بين الشخص السعيد والحزين، هو أنّ السعيد حقًا من يشكر النعم بدلاً من لعن النواقص.
اقرأ أيضًا: تعرف على أهم 5 كتب قرأها بيل غيتس
درّب نفسك على رؤية الأمور الإيجابية في حياتك، حيث يمكنك القيام بذلك من خلال تمرين يومي بسيط، في كلّ يوم، وقبل أن تخلد إلى النوم فكّر بثلاث نعم تملكها في ذلك اليوم، مهما كانت بسيطة، قد تكون أغنية جميلة أسعدتك، أو لقاءً مفرحًا مع أحد أصدقائك، أو وجبة استمتعت بها وغيرها.
كرّر ذلك لعدّة أيام، وستلاحظ بعدها أنّ عقلك بدأ تلقائيًا وخلال اليوم يفكّر بأمور إيجابية ونعم من حولك، وكأنه يتحضّر للإجابة عن السؤال قبل النوم، ولن يمرّ الكثير من الوقت حتى تصل إلى حالة من السلام الداخلي والسعادة ليس لهما مثيل.
اقرأ أيضًا: السلوك والذكاء: ايهما أهم لتحقيق النجاح ؟
صحيح أنّ متلازمة المربّع المفقود قد تكون متأصلة في حياتنا، لكنّ ذلك لا يعني أنها ستستمرّ على هذه الحال إلى الأبد، يمكنك دائمًا أن تغيّر حياتك للأفضل، وتستطيع في أيّ لحظة اتخاذ القرار بأن تركّز على المربعات الأخرى الموجودة من حولك بدلاً من الاستمرار في التحديق في المربع المفقود!