من شركة ألعاب صغيرة إلى أضخم علامة تجارية في مجال الألعاب: قصة نجاح Lego
من الصعب حاليًا أن تجد طفلًا لا يمتلك لعبة الليجو كجزء من مجموعة ألعابه، فهذه اللعبة هي الأكثر مبيعًا وانتشارًا في محلات الألعاب حول العالم. تُعد مجموعة ليغو أحد أشهر العلامات التِّجاريَّة في مجال ألعاب الأطفال، حيثُ تنتج مجموعة من الألعاب التي لا تشبه نظيراتها من الألعاب التَّقليدية الأُخرى.
ترجع شهرة هذه اللعبة وحرص الآباء على شرائها لأطفالهم إلى أنَّها تُعطي للأطفال أفكارًا مُبتكرة لتركيب أي شيء مُمكن بواسطة مجموعة من القطع، وبذلك، تُنمّي لعبة الليجو قوة الخيال والابتكار عند الأطفال، بل وحتَّى عند الكبار.
بالحديث عن مجال الأعمال، فلا يخفى على أحدٍ أنَّ قصة نجاح ليجو هي إحدى أكثر قصص النَّجاح المُلهِمة في العصر الحديث. حاليَّا، تُعد ليجو أكبر مصنع للألعاب في العالم، وقد بلغ إنتاجها ما مجموعه 500 مليار قطعة ليغو وأكثر من 4 مليارات شخصيَّة صغيرة، كما تتجاوز قيمتها السّوقيَّة حوالي 9 مليارات دولار أمريكيّ.
مقالات في مجال الثقافة العامة تصفّح عشرات المقالات المميزة والممتعة، وأَثْرِ مخزونك من المعلومات الثقافية المفيدة. اقرأ المقالات الآن
تميَّزت هذه الشَّركة عن غيرها وتمكَّنت من النُّموِّ بشكلٍ سريع حتّى وصلت إلى ما هي عليه الآن، أكبر وأهمّ شركة ألعاب في العالم. في عام 2017، تم إدراج الشَّركة في قائمة فوربس كواحدة من أكثر العلامات التِّجاريَّة قيمةً في العالم. بينما في عام 2021، وجدت مجموعة من الباحثين التّجاريين الدّوليّين أنَّ الاستثمار في شركة ليغو كان مُربحًا أكثر من الاستثمار في الذَّهب وسوق الأسهم!
ومع ذلك، لم تخلُ قصّة نجاح ليجو من التَّحدّيَات والعقبات، فهناك العديد من العِبر الَّتي يُمكن استخلاصها من إخفاقاتها وانتصاراتها على حدٍّ سواء، حتّى أصبحت مثالًا نموذجيًّا يُحتذى به في كيفية الحفاظ على تَقدُّم علامة تجارية والبقاء في الصّدارة لأطول فترة مُمكنة.
لذلك، يُمكن لأصحاب الأعمال - بل والأفراد أيضًا - تَعلُّم العديد من الدُّروس القيِّمة من رحلة صعود شركة ليغو. نستعرض في هذا المقال كيف وصلت شركة ليجو إلى مجدها الحالي بالإضافة إلى أهم الدروس المُستفادة من قصّتها.
اقرأ أيضًا: لن تحقق النجاح قبل سماع النصائح الـ 17 التالية من بيل غيتس
اطَّلع أيضاً على: قصص نجاح ملهمة لشخصيات مشهورة
بداية القصّة
لا شكَّ أنَّه يُمكن اعتبار شركة ليجو اسمًا مُرادفًا للنَّجاح والمُثابرة والعزيمة والعمل الجادّ والأفكار المُبتكَرة. مَن كان يظُنّ أنَّ شركة صغيرة لألعاب الأطفال ستصبح إحدى أكبر الشَّركات التِّجاريَّة في العالم؟! دعونا نتعرَّف على قِصَّة نجاح لعبة الليجو ونرى ما يجب أن تخبرنا به هذه القصة.
تدور هذه القصة حول نجَّار مُتميِّز يُدعى أولي كيرك كريستانس، كان يمتلك شركة صغيرة لتصنيع الأثاث، وبسبب التَّباطؤ الاقتصادي والضُّغوط التنافسيَّة الهائلة في السوق، عانت شركته من خسارة فادحة مما اضطره إلى إغلاق شركته.
كان لدى أولي كيرك كريستانس زوجة وأربعة أبناء وتراكمت عليه المسؤوليَّات المادّيَّة، وأمضى أيامًا كثيرة في يأسٍ مُطبق ولكنَه أبقى أبناءه سعداء بتصنيع بعض الألعاب الخشبيَّة لهم. استمدَّ أولي من ذلك فكرة شركته التّالية، وبدأ بجمع شمل شركته مرةً أخرى حيث أعاد العُمّال للعمل ولكن هذه المرَّة لتصنيع الألعاب الخشبيَّة.
استثمر أولي كيرك كريستانس موارده المُتبقّية لإعادة توظيف العُمّال وشراء الأخشاب لبدء العمل ولكنّ مُعاناته لم تنتهِ هُنا، حيثُ اشتعلت النّيران في ورشته وتحوَّل كُلُّ شيء إلى رماد، ثم بعد ذلك تُوفِّيت زوجته تاركةً له أربعة أبناء للعناية بهم.
اقرأ أيضًا: أفكار مشاريع تجارية ناجحة | ابدأ مشروعك الخاص الآن!
اقرأ أيضاً: قصة نجاح قصيرة: لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس
لم يكن لدى أولي مكانٌ يذهب إليه أو يدير عمله فيه، وأصبح يتردَّد على كوبنهاغن - عاصمة الدنمارك - كثيرًا لأسباب مُختلفة مُتعلِّقة بكسب الرزق، وفي إحدى زياراته، وجد آلة جديدة يُمكنها حقن البلاستيك في القوالب، وقد كان أولي مفتونًا بالفكرة ولكنه لم يكن في وضعٍ يسمح له بالمجازفة.
ومع ذلك وعلى الرغم من انهيار وضعه المادي، فقد اشترى أولي ماكينة حقن البلاستيك حتّى يتعلَّم عليها كيفيَّة حقن البلاستيك الساخن في القوالب لصُنع الأشياء. تمكَّن أولي كيرك كريستانس باستخدام هذه الآلة من صُنع عددٍ من الدُّمى. في النهاية، أتته فكرة تصنيع الألعاب التي يُمكن ربطها ببعضها، وبالفعل بدأ في تنفيذها ومن هنا كانت البداية!
كان عام 1949 عندما اتَّخذت قصّة نجاح ليجو مُنعطفًا جديدًا، حيث أطلق أولي كيرك كريستانس مجموعته الأولى من الألعاب، وهي المُكعَّبات الَّتي يتمّ ربطها ببعضها البعض، والتي كانت قفزةً فوريَّةً له ولشركته، حيثُ أحبَّ الأطفال اللَّعب بمثل هذه المُكعّبات الَّتي يمكن فصلها وربطها لصنع أشكال جديدة.
من ناحيةٍ أُخرى، لم يكتفِ أولي بنجاحه الحالي بل كان له خططٌ أخرى، حيث أراد أن يستكشف إمكانيَّة صنع لعبة تجعل الأطفال يُفكِّرون بذكاءٍ من خلال تنمية خيالهم وتفكيرهم الإبداعي. من هنا، بدأت فكرة لعبة الليجو في تصميم القطع والأجزاء بطريقةٍ يُمكن من خلالها تركيب أي شكل، حيثُ يُمكن استخدامها لتركيب المنازل أو الصواريخ أو السّفن وما إلى ذلك ممّا يُنمِّي الإبداع والتخيُّل عند الأطفال والكبار على حدٍّ سواء. وسرعان ما ازداد جمهور هذه اللعبة، وحقَّقت الشَّركة ثروةً هائلة، وأصبحت ليجو علامةً تجاريةً عالميَّةً في غضون سنوات قليلة وقدَّمت مجموعة الألعاب الأكثر سهولةً للعب بها.
اقرأ أيضًا: 7 نصائح لتصبح رائد أعمال وأنت طالب جامعي
العبرة المستفادة من قصة نجاح ليجو
لا شكَّ أنَّ قصص النَّجاح الصَّعبة هي القصص الأكثر إلهامًا وتأثيرًا وإفادة، ولأنَّ طريق نجاح ليجو لم يخلو يومًا من الصّعوبات، يُمكن اعتبارها مصدرًا مثاليًّا لتعلُّم العديد من الدروس القيِّمة، وفيما يلي بعض هذه الدروس المُستفادة:
1- كُن مستعدًا للنكسات
بدأ أولي كيرك كريستانس أول أعماله التجاريَة عندما أنشأ شركته الأولى في عام 1934 والتي كانت عبارة عن ورشة نجارة، ثم تحوَّلت في النِّهاية إلى ما هي عليه الآن.
واجه أولي التَّحدِّي الأوَّل عندما اضطرَّ إلى تقليص حجم شركته والاستغناء عن عددٍ كبير من العُمَّال بسبب بعض الضّغوطات الماليَّة. بعد ذلك، قرَّر أن يُحوِّل اهتمامه إلى صنع الألعاب الخشبيَّة لإعالة زوجته وأطفاله الأربعة، وخلال السّنوات الأولى من تجارة الألعاب، ألغى أحد العملاء طلبًا ضخمًا بعد تصنيع الألعاب بالفعل، تاركًا أولي في وضع ماليّ صعب.
تفاقمت المشاكل بعد ذلك عندما دمَّر حريقان مصنع الألعاب وتُوفّيت زوجته تاركةً إيّاه بمُفرده مع أبنائهما الأربعة، كما ضاعفت الحرب العالميَّة الثّانية من هذه المشاكل مع انهيار مجال صناعة الألعاب ضمن غيره من الصناعات، ولكن على الرّغم من ذلك لم يستسلم أولي قط وشَقَّ طريقه خلال الأوقات الصَّعبة إلى النَّجاح.
بتطبيق ذلك المبدأ على الحياة العمليَّة والشَّخصيَّة، كُن مُتأكِّدًا من أنَّك ستواجه الكثير من الانتكاسات في طريقك، وتأكَّد أيضًا من أنَّك بالقوَّة الكافيَة للصُّمود أمامها حتّى تصل إلى أهدافك.
اقرأ أيضًا: كيف تصبح رياديا في 10 خطوات؟
2- ابحث دوما عن حلول بديلة
واجهت شركة ليجو العديد من حالات إلغاء الطَّلبات بعد تجهيزها بالفعل. خلال هذه الأوقات الصعبة، توجَّه أولي كيرك كريستانس إلى الأرصفة ومحلَّات لعب الأطفال لبيع هذه المُنتجات بأسعارٍ مُخفَّضة لتَجنُّب الخسارة، حيث أنَّه في ظِلّ عالم من التَّقلُّبات والتَّغيُّرات، ما من إمكانيَّةٍ للنّجاح من دون خطةٍ بديلة، تَعلَّم في الظروف الصّعبة أن تُشمِّر عن ساعِدَيك وتَبدأ بتنفيذ خططٍ بديلةٍ حتّى تصل إلى هدفك مهما كانت الظروف والعقبات!
اقرأ أيضًا: كيف تنقل مشروعك إلى السوق العالمي | تجربة Netflix
اقرأ أيضاً:أفكار مشاريع تجارية ناجحة | ابدأ مشروعك الخاص الآن!
3- لا تتوقَف عن الابتكار
بدأت شركة ليغو نشاطها في صُنع ألعابٍ خشبيَّةٍ، لكنَّها لم تتوقَّف أبدًا عن البحث عن أفكارٍ جديدةٍ لتحسين ألعابها، فتطوَّرت الشَّركة بعد ذلك وانتقلت من صناعة الألعاب الخشبيَّة إلى صناعة الألعاب البلاستيكيَّة.
بعد ذلك، ابتكرت شركة ليجو نظام لعب خاصّ بها باستخدام مُكعّبات بدائيَّة بسيطة التَّركيب، حتَّى وصلت في النهاية إلى إنشاء مُكعَّباتها شائعة الاستخدام اليوم. بعدها سرعان ما تَمَّت إضافة منتجات ذات طابع خاص مثل LEGO Star Wars إلى المجموعة التي ضمنت بقاء المنتج شائعًا ومُحطِّمًا للأرقام القياسيَّة في المبيعات.
لا شَكَّ أنَّ الابتكار مُهِمٌّ لتبقى في المُنافسة، لذا لا تَتوقَّف أبدًا عن الابتكار ولا تَملّ أيضًا في رحلتك، فقد استغرق الأمر أكثر من عشرين عامًا من الابتكار المُستمِرّ حتّى تَمكَّنت شركة ليجو من ابتكار مُكعبّاتها الشَّهيرة.
اقرأ أيضًا: 20 كتاب في إدارة الأعمال عليك قراءتها قبل بلوغ سن الـ 30
4- التجربة هي سر النجاح
من المُهمّ جِدًّا تجربة كل ما هو جديد وفتح آفاق تفكيرك لكلّ ما هو مُختلف، فالانغلاق عدوّ النَّجاح الأوَّل، ولا جدال أنَّه من الجيد أن تكون حريصًا على عدم التَّخلي عن جذورك، ولكن تجربة ما هو جديد قد يكون السَّبيل الوحيد للنَّجاة عندما تنهار مشاريعك الحاليَّة. بمعنى آخر، لا تضع كُلَّ البيض في سلَّةٍ واحدة.
على سبيل المثال، ارتبطت شركة ليجو بتصنيع دُمى Star Wars و Harry Potter، مما جعل الأطفال أكثر ارتباطًا بها وأعطى مبيعاتها دفعةً قويَّةً إلى الأمام. على الرَّغم من أنَّ قوالب ليغو التَّقليديَّة لا تزال محور اهتمام وذات أهميَّة في سوق ألعاب الأطفال، إلَّا أنَّ تجربة ليغو في تصنيع دُمى الأبطال الخارقين ضمنت لها بلا شكٍّ مكانًا ثابتًا في المُقدِّمة في سوق الألعاب.
اقرأ أيضًا:أكبر 5 تحديات تواجه العلامات التجارية العالمية
5- ضع خططا طويلة المدى
قد يبدو تصميم شيء عابر بخطَّة قصيرة طريقةً جيّدةً لإنجاز الأمور بسرعة أو لتحقيق مكسبٍ قريبٍ، لكنَّ هذا النّجاح السَّريع لن يدوم لفترةٍ طويلةٍ. عندما تضع في اعتبارك العوامل المُستقبليَّة وتجعل خطَّتك مرنة أمام كُلَّ التَّغيُّرات المُحتملة، فإنَّك وبلا شكٍّ تصنع إنجازًا يدوم مدى الحياة، وبتطبيق ذلك في عالم الأعمال، يجب أن تتأكَّد أنَّ مُنتجك سيصمد أمام اختبار الزَّمن، وسينتقل إلى الجيل التّالي من العُملاء والذي يليه والذي يليه وهكذا.
تُعتبر قصة نجاح ليجو مثالًا واضحًا على ذلك، فمُنتجات الشَّركة كانت الخيار الأول للعديد من الأجيال المُختلفة ولم تنتهِ أهمِّيَّتها عند جيلٍ مُعيَّنٍ. ببساطة، وضعت شركة ليجو خطة طويلة المدى لم تخلُ من الإبداع والتَّطوير المُستمرِّ ضمنت لمُنتجاتها أطول صمود مُمكِن في سوق ألعاب الأطفال.
اقرأ أيضًا: 8 خطوات مهمة لأي موظف للبدء بمشروعه الخاص!
6- لا تكن قنوعا في النجاح!
بالرّغم من نجاح شركة ليجو الهائل في مجال ألعاب الأطفال، لم تكتفِ الشَّركة فقط بهذا النَّجاح وقرَّرت توسيع شريحة جمهورها لتشمل البالغين أيضًا؛ لتضمن زيادة قاعدتها من المُعجَبين، حيث تعمل ليغو على إنشاء مجموعات تُلبِّي احتياجات هذا الجمهور على وجه التَّحديد، مثل برج إيفل ومدينة نيويورك على سبيل المثال.
تحظى هذه الأنواع من المجموعات بشعبيَّةٍ كبيرةٍ، حتَّى أنَّ هناك مجموعة على موقع Reddit تُسمَّى "المُعجبون البالغون بألعاب ليجو"، حيث يشارك المُعجبون صور اجتيازهم للُعبة ويناقشون أحدث وأروع التَّصميمات. يُمكنك الاستفادة من هذا في حياتك بألَّا تجعل لنجاحك سقفًا، ولا تكتفي أبدًا بما وقفت عنده؛ فبعد الجيد يوجدُ الأفضل!
اقرأ أيضًا: خمس أفكار لمشاريع الريادة الاجتماعية للشباب
اقرأ الآن: أخطاء قاتلة يقع فيها أغلب رواد الأعمال: تعرّف عليها وتجنّبها!
دورات أونلاين في مجال التوظيف والعمل سجّل الآن في دوراتنا المميزة في مجال التوظيف والعمل، وارتقِ بمهاراتك الوظيفية إلى المستوى التالي. تصفَح جميع الدورات
قد يكون من الصَّعب تصديق أنَّ أولي كيرك كريستانس قد وقف شامخًا أمام كُلِّ هذه المصاعب وتَمكَّن من الحفاظ على تركيزه رغم كل العثرات. وبالرّغم من أنَّ العالم كان يُعاني من كساد اقتصادي هائل، إلَّا أنَّ أولي تمكَّن من الحفاظ على إمبراطوريَّته الاقتصاديَّة ووضعها دومًا على المسار الصَّحيح.
لقد عمل أولي كيرك كريستانس بجدٍّ، ووجد فكرةً رائعةً لم يسبقه إليها غيره، وتمكَّن في غضون سنواتٍ قليلةٍ من جَعْلِها اللُّعبة الأكثر شعبيَّةً في العالم. تُلهمنا هذه القصّة أن نتحلَّى بالصَّبر والمُثابرة وألَّا نستسلم مهما تعقَّدت الأُمور وأن نُحافِظ على عقلنا من التَّشتُّت ونصب كامل تركيزنا على الهدف مهما كانت العقبات؛ فمهما كانت مهاراتك، فإنَّ مُثابرتك وبلا شكٍّ ستُشكِّل فرقًا كبيرًا.
المصادر: entrepreneur، grow.za، vedantu
اقرأ أيضًا: قصة نجاح واقعية: طموح وكلمة
اقرأ أيضًا: هل تحتاج إلى بعض الإيجابية؟ إليك 9 قصص قصيرة ملهمة
اقرأ أيضًا: 20 قصة قصيرة ذات دروس قيمة