كيف تجعل خطابك جذابا ؟
تعرّفنا في المقال الأول من سلسلة فن الإلقاء على كيفية كتابة خطاب جيّد، وسنتطرّق في مقال اليوم إلى الحديث عن عدد من النصائح التي تسهم في جعل خطابك جذّابًا، وأكثر شدًَا للانتباه. حيث تعتمد جودة الإلقاء اعتمادًا كبيرًا على الخطاب المكتوب وصياغته التي إمّا أن تجعل الجمهور يتفاعل معك أو يملّ من خطابك ويعزف عن سماعه. فما هي هذه الحيل التي قد تجعل خطابك أكثر تأثيرًا وجاذبية؟
1- حافظ على الإيجاز والبساطة في التعابير
قد يؤدي استخدام الكلمات الكبيرة المعقدة إلى تشتيت انتباه الجمهور، لاسيّما إن كان هناك كلمات بديلة وبسيطة تؤدي نفس المعنى. وبالمثل فالجمل الطويلة المعقدة قد تكون محيّرة وتؤدي إلى ضياع المعنى. فاحرص إذن على المحافظة على لغة بسيطة وواضحة ولا تلجأ إلى التراكيب المعقّدة إلاّ في حال اضطررت إلى ذلك. فبدلاً من القول:
"يعتبر الوصول إلى وزن جسم مثالي والحفاظ عليه ذروة الوجود الإنساني، لأنه يوفر لك إمكانية القيام بأعمال بدنية تزيد من ثقتك بنفسك وتعطيك شعورًا بالإنجاز"، يمكنك استخدام جملة أقصر وأكثر سلاسة كالتالي: "يمكّنك امتلاك وزن مثالي من القيام بالكثير من الأنشطة البدنية ويسهم في جعلك أكثر سعادة ورضىً."
لابدّ هنا من التذكير بضرورة التنويع في التراكيب في خطابك. باستطاعتك أن تكتب بعض الجمل الطويلة، ولكن احرص على ألاّ تبالغ في استخدامها.
2- استخدم الأسماء بدلاً من الضمائر
هذا لا يعني بالطبع أن تستبدل كلّ الضمائر في الخطاب بالأسماء، خاصة إن كانت هذه الضمائر تجنّبك التكرار. ولكن قد يصبح استخدام الكثير من الضمائر في خطاب واحد مشوشًا ويحول دون أن يتمكّن الجمهور من تتبع ما تقوله على الوجه الصحيح. حاول استخدام الأسماء سواءً كانت أسماء أشخاص أو أماكن أو أشياء كلّما أتيحت لك الفرصة لذلك، حتى يبقى خطابك واضحًا سهل الفهم.
3- كرّر كلمة أو جملة عدّة مرّات خلال الإلقاء
يعدّ التكرار في الخطابات أحد أهمّ عناصر الإلقاء الناجح، بعكس ما يحدثه من تأثير في النصوص المكتوبة، حيث أنّ تكرار كلمة أو جملة معيّنة أثناء إلقاء الخطاب، يسهم في بلورة الأفكار الرئيسية ويبقي جمهورك مندمجًا.
يمكنك مثلاً أن تكرّر اسم منتج معيّن أثناء إلقاء خطاب حول كيفية تسويق هذا المنتج. أو أن تكرر جملاً محفّزة مثل: "اركض متجاوزًا الآلام" في حال كان خطابك حول منافع الركض لتجاوز الصدمات العاطفية وهكذا.
4- لا تبالغ في استخدام الإحصائيات والاقتباسات
قد يبدو لك أنّ استعمال الكثير من الأرقام والإحصائيات أمرًا إيجابيًا يدعم مصداقية خطابك، لكنه سيكون بلا شكّ مرهقًا لجمهورك الذي سيجد صعوبة في تتبع كلّ تلك الأرقام. حاول استخدام معلومتين تتضمّنان أرقامًا إحصائية كحدّ أقصى في كلّ نقطة أو فكرة، واحرص على أن تكون هذه المعلومات ذات فائدة حقًا وليس مجرّد أرقام فقط. فإن كنت تقدّم خطابًا حول بعض أنواع الغزلان المهددة بالإنقراض، يمكنك أن تذكر إحصائية تشير إلى تراجع أعداد هذه الغزلان خلال السنوات الخمسين الماضية، لكن إضافة إحصائيات مفصّلة أخرى قد يأتي بنتائج عكسية.
كذلك الحال مع الاقتباسات، إذ يفضّل أن تستخدم اقتباسات تضيف قيمة إلى خطابك وتدعمه، مع الحرص على ألاّ يتجاوز طولها السطرين في خطابك المكتوب وأن تكون بلغة سلسة مفهومة.
5- استخدم صوتك بذكاء
عندما نتحدّث عن فنّ الإلقاء فلا شكّ أننا سنتطرّق للحديث عن نبرة الصوت وأسلوب الإلقاء. إذ تمثّل نبرة الصوت الجوّ العام لخطابك، وتختلف باختلاف طبيعة الخطاب، فقد تكون حماسية أو حزينة، مرتفعة غاضبة، أو منخفضة حنونة، جدّية أو ساخرة. عليك أن تدرّب نفسك على هذه الأنماط المختلفة، وتستخدم ما هو مناسب منها بل وتعلم تمامًا أين يجب عليك الانتقال من نبرة إلى أخرى.
لنفترض مثلاً أنّك تلقي خطابًا حول كيفية تجاوز الصدمات العاطفية. يمكنك أن تستعمل نبرة حزينة عند التحدث عن بعض القصص الواقعية لأناس مرّوا بتجارب عاطفية سيئة. ثم يمكنك الانتقال إلى نبرة جدية أو غاضبة في حال بدأت الحديث عمّا يفعله هؤلاء الأشخاص من تصرّفات سلبية قد تهلكهم، كالامتناع عن الطعام أو التفكير في الانتحار. وبعدها بوسعك تقديم بعض الحلول العملية لتجاوز مثل هذه الصعوبات مستخدمًا نبرة حماسية فرحة، لتعطي بذلك أملاً لجمهورك الذي يستمع إليك، وهكذا...أهم ما في الأمر ألاّ يكون إلقاؤك أحادي النغمة، فتلك الطريقة هي الأسرع لإصابة المستمعين بالملل والضجر.
6- استعن بالوسائل البصرية
ولكن لا تعتمد عليها اعتمادًا تامًّا، فهي مجرّد وسيلة مساعدة يمكنك استخدامها للحديث عن بعض الأرقام والإحصائيات المعقدة. أو لعرض بعض الصور والفيديوهات ذات العلاقة المباشرة بموضوع الخطاب. استخدام مثل هذه الوسائط يسهم في كسر روتين الخطاب وجعله أكثر جاذبية للجمهور، لكن تبقى عليك مسؤولية الإلقاء وتقديم باقي الخطاب بأسلوب مناسب يشدّ انتباه المستمعين.
7- تمرّن جيدًا قبل إلقاء الخطاب
بمجرّد الانتهاء من كتابة خطابك، اقرأه عدّة مرّات لوحدك أمام المرآة، وأمام شخص آخر للتدرب عليه. حدّد الجوانب التي تحتاج إلى التحسين والتغيير، وفي حال كان خطابك محددًا بوقت معيّن، فتدرّب على إلقائه خلال هذا الوقت المتاح لك مع الحرص على ألاّ تكون بطيئًا جدًا أو سريعًا جدًا. يمكنك أيضًا أن تسجّل صوتك أثناء إلقاء الخطاب وتسمعه بعدها لتحدّد ما إذا كان صوتك طبيعيًا أم يبدو عليه التوتر. تذكّر دومًا أنّك كلّما تدرّبت أكثر، كانت النتيجة أفضل، فلا تهمل هذه الخطوة بحجّة أنك أنت من كتب الخطاب وتحفظه عن ظهر قلب.
لا يقتصر التمرين على النص المكتوب وحسب، بل يمتد ليشمل التدرّب على لغة الجسد المناسبة ونبرة الصوت وكيفية التفاعل مع الجمهور، حيث أنّ إتقان هذه الجوانب معًا هو السبيل الأمثل للخروج بخطاب ناجح وجذّاب.
ماذا عنكم؟ هل سبق أن استمتعم لخطاب ما وأثّر فيكم بشكل كبير؟ ما هي الأمور التي أحدثت في نفوسكم هذا التأثير؟ شاركونا آرائكم وتعليقاتكم ولا تنسوا التسجيل في موقعنا ليصلكم كلّ جديد.
اقرأ أيضًا: كيف أكتب مقال بأربع خطوات
اقرأ أيضًا: 10 طرق للتحدث أمام الناس دون خوف
اقرأ أيضًا: 7 نصائح لتصبح كاتب محتوى ناجح