فن القيادة: كيف تبني فريق العمل المؤثر؟
تمّت كتابة هذا المقال من قبل الصديقة المتطوعة آلاء محمد حسن من السودان.
أنظر هناك، ذلك صرصور، كيف هو حجمه؟ صغير أليس كذلك، يمكنك أن تطيّره بنفخة.. حسنًا أغمض عينيك، أنت الآن بحجم ملمترين أو ثلاثة، أنظر إليه مجددًا، ياللهول كم صار الصرصور عملاقًا! هل تستطيع تحريكه؟ أظن أنك لا تستطيع، لا يوجد مخلوق يستطيع فعل ذلك وحده، أحضر بعض مئات منك، وستنجزون هذه المهمة بمنتهى السهولة. أجل صحيح مثل النمل، هذا يعني أنك فهمت ما أرمي إليه، العمل الجماعي هو أساس نجاح الفريق، والعمل الجماعي يعني أن يكون الفريق مؤثرًا وناجحًا، فكيف يمكنك بناء فريق العمل الناجح والمؤثر هذا؟
هذا بالضبط ما سنتطرّق للحديث عنه في مقال اليوم!
مقالات تطوير وتنمية الذات اقرأ المزيد من المقالات المميزة والمفيدة في مجال تطوير الذات والتنمية البشرية تصفح مقالات تطوير الذات
كيف تبني فريق عمل ناجح ومؤثر؟
هناك أربع نقاط أساسية لبناء فريق العمل المؤثر:
1- بناء الثقة
اجعل كل فرد يثق في نفسه، وفي الأعضاء الآخرين، وفي الكيان الذي ينتمي إليه، ويؤمن أنه سيحقق أهدافه.
يقول إبراهيم الفقهي:
"إنك تستطيع إحداث المعجزات إذا كان لديك إيمان بالآخرين، وحتى تحصل على أفضل ما لدى الآخرين، اختر أن تفكر وتؤمن بأفضل ما لديهم"
من كتاب العمل الجماعي ص12
2- أعط كل فرد حقه من الاهتمام والتقدير
يبحثُ الإنسان دائما عمن يهتم به ويقدره، فذلك يبعث على الشعور بالأمان، والثقة في النفس، وعندما تهتم بالآخرين لا بد أن يفعلوا نفس الشيء معك، والاهتمام بالآخرين يكون في صورة الاستماع إلى آرائهم وعدم تجاهلها، تقديم الدعم النفسي، وتقديم المساعدة عندما الحاجة...
احرص إذن على حثّ أعضاء فريقك وتشجيعهم على الاهتمام ببعضهم البعض.
3- الانضباط التام
لن ينجح الفريق إن لم تكن لديهم رغبة حقيقة في المشاركة وإنهاء العمل، لا تجبر أحد على العمل إن لم يكن يرغب في ذلك، فلن تكون النتيجة مُرضية. بدلاً من ذلك، يمكنك اتباع حلول أخرى، على سبيل المثال:
- الجوائز والمكافآت التحفيزية.
- كسر حواجز الخوف وتشجيع أعضاء الفريق على التعبير عن آرائهم بصراحة.
اقرأ المزيد: كيف أنمي حس الانضباط؟
4- الإيمان بأهمية التعاون
دعني أخبرك قصة قصيرة، ربما تتذكر الصياد الذي نثر الحب على الأرض في أحد الحقول، ونصب شباكه ثم ذهب وتركها تنتظر صيدًا، فجاءت مجموعة من الحمام، كي تلتقط ذلك الحب ووقعت في الأسر، وعندما عاد الصياد فزع سرب الحمام وعمّ الهرج والمرج بينهم، إلى أن قالت لهم إحدى الحمامات أنّ عليهم أن يضربوا بأجنحتهم في ذات الوقت، وأنّه لا بد أن يخرجوا من هذا المأزق إن هم تعاونوا.
وبالفعل بدؤوا بالتحليق هم والشباك، ثم هبطوا في حقل آخر، وهناك طلبوا المساعدة من فأر، قضم الشباك وأنقذهم من الأسر.
أعتقد أن الفكرة أوضح ما يكون في القصة، إن لم يتعاون أفراد الفريق معاً سيهلكون جميعًا. وأضيف أيضًا لا تتردد في طلب المساعدة وقت ما أقتضى الأمر.
مرlحل مهمة في عملية بناء فريق العمل
وبالإضافة إلى النقاط الأربع السابقة يحتاج بناء فريق العمل الناجح إلى المرور بالخطوات والمراحل الستّ التالية:
1- تشكيل الفريق
لنفرض أن الدولة ستختار لاعبي المنتخب الذين سيشاركون في كأس العالم...كيف تتم عميلة الاختيار برأيك؟
حسنًا، ممّا لا شكّ فيه أنّه لا يوجد أيّ مجال للعواطف في عملية اختيار أعضاء الفريق، لابد أن يكون لكلّ واحدٍ منهم مهارة تضيف شيئًا للمجموعة وتزيد فرص الفوز.
ومثلما يتشكل فريق كرة القدم من حارس مرمى ولاعبي دفاع، وأيضًا لاعبي وسط وهجوم، يجبُ أن يكون فريقك متنوّعًا يضمّ أفرادًا ذوي تخصصات مختلفة، اهتمامات متنوعة وكذلك خبرات مختلفة.
هناك خمسة أصناف لا بد من تواجدها في الفريق:
- العملي المنفذ: يؤمن بأهمية الإنجاز، حاسم، سريع في اتخاذ القرارات، يعتمد عليه.
- التقني: له خبرة في استخدام الحاسوب، يجمع المعلومات، يتأنّى في اتخاذ القرارات، يتميز بالصبر والحذر، ويدرس المواقف جيدًا.
- الإداري: يهتمّ بسير العمل، يعدّ التقارير، يخطط لسير العمل بطريقة منظمة، يعيد عجلات الفريق إلى القضبان، إذا جنحت أو خرجت.
- الكاريزمي: له شخصية جذابة، وحضور طيب، يحبه الجميع ويحترمونه، وبذلك يمكن تحفيز أعضاء الفريق من خلاله.
- المبدع الخلاّق: له خيال خصب، روحه خلابة، يكسر النمطية.
2- التدريب والتعليم
ها نحن ذا، صار لدينا فريق، والآن علينا العمل على وضع خطط للارتقاء به. مثلما يتدرب فريق الكرة على صقل مهاراته، وكما يثابر الرياضيون ويتمرّنون للحفاظ على لياقتهم، عليك أنت أيضًا أن تسعى لإيجاد أفضل السبل من أجل تطوير مهارات فريقك والارتقاء بها، حيث يمكنك ذلك من خلال ورشات العمل والدورات التدريبية وأنشطة بناء الفريق ودعمه.
اقرأ أيضًا: ما هي الدورات التدريبية التي يجب أن يلتحق بها الموظفين وحديثي التخرج
3- التواصل الجيد
يلعبُ التواصل الجيد دورًا مهمًا في نجاح العمل وتقليل المشكلات، فهو يزيد من التزام الموظفين، ويجعلك أكثر فهمًا لاحتياجاتهم ومواهبهم، مما يتيح لك ايجاد أفضل الطرق لتحفيزهم، وبالتالي زيادة الإنتاجية.
احرص إذن على الاجتماع بأعضاء فريقك بشكل دوري والتواصل معهم لمعرفة ما يواجههم من مشكلات وسماع آرائهم واقتراحاتهم. والأهم من ذلك كلّه هو أن تكون موجودًا عندما يحتاج إليك أعضاء الفريق.
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات التواصل وكيف يمكنك تطويرها؟
4- الرؤية
ما هي الرؤية؟ إنها تشكيل المستقبل، أعني ما أقول تمامًا...الطموح، ما يرغب الفريق في تحقيقه، الصورة النهائية التي يُتوقع أن يكون عليها المشروع. لذلك لا بد أن يكون لكلّ فريق رؤية محدّدة يسير نحوها وأن تكون هذه الرؤية مميزة ومتفرّدة، كما يجب على القائد تشجيع أفراد فريقه للوصول إلى أفكار جديدة تدعم وتعزّز الرؤية الكبرى.
5- تحديد الأهداف
هل تشعر أن تعريف الرؤية قد يبدو مرادفًا للهدف؟
ذلك ليس صحيحًا تمامًا، فالرؤية هي الغاية الأشمل والهدف الأسمى الذي تعمل بقيّة الأهداف على تحقيقه. وحتى نوضّح الأمر أكثر، إليك المثال التالي:
ذات مرة شاهدت فلمَ خيالٍ علمي، يحكي قصة فريق نُفي في الفضاء، لمعرفتهم معلومات مهمة تضر ببعض كبار الشخصيات في الفلم، ولكن عثر الفريق على سفينة فضاء في حالة لا بأس بها، عندئذ عزموا على العودة للأرض_ وهي بالمناسبة تبعد ملايين السنين الضوئية من منفاهم لذلك لا بد من رحلة طويلة_ وكشف الحقائق للجميع، وخلال هذه الرحلة كان لا بد من دراسة الكواكب في طريقهم، ساعين لإيجاد كواكب بها أثر حياة، من أجل توفير الماء والغذاء، وكان لا بد أيضًا من التأكد من كون الطعام آمنًا غير سام، وكذلك صالحاً للتخزين...
إذن كشف الحقائق، هذا يمكن أن يكون بمثابة الرؤية، أما ما يتعلق بالعودة للأرض خلال ثلاثة أشهر، البقاء أحياء، إيجاد الغذاء... هذه يمكن أن تكون أهدافًا للوصول وتحقيق الرؤية.
يقول العالم جورج دوران أن هناك خمسة مبادئ من لوضع أهداف فعالة للمؤسسة:
- أن تحدد بدقة بالاجابة على الأسئلة من؟ متى؟ أين؟ لماذا؟
- أن تكون قابلة للقياس
- أن تكون قابلة للتطبيق عملياً
- أن تتناسق الأهداف مع أنشطة المنظمة
- ضبط جدول زمني لتحقيق الأهداف
لا بد من إشراك الأعضاء في عملية تحديد الأهداف، وكذلك في الاستراتيجيات وخطط العمل، لأجل تحقيق تلك الأهداف.
اقرأ أيضًا: كل ما تحتاج معرفته عن وضع الأهداف Goal Setting
6- الشكر والتقدير
يقول العلماء إن للشكر تأثيرًا يحفّز الطاقة الإيجابية في الدماغ. لِمَ عقدت حاجبيك هكذا؟! ألا تصدق؟!
تذكّر كم مرة زينت الابتسامة وجهك عندما شكرك أحدهم. أتقول أنك ابتسمت مجاملة؟!! لا يا عزيزي، في الواقع تلك ابتسامة من الأعماق ولي تجربة مع ذلك، العام الماضي كان لدي عرض أولي لفكرة مشروعي، وماذا؟ أثبت لي استاذي أن لا شيء جيد ويمكن تركه كما هو، كل الأجزاء بحاجة لتعديل عميق، كيف سيكون شعورك إن قال لك أحدهم ألا شيء صحيح في البناء الذي عملت عليه ليالي طوال؟
احباط، نفاد مخزون الطاقة، لا رغبة في مواصلة العمل على أيّ شيء....هذا ما شعرتُ به بالضبط، لكن قبل أن أغادر قال لي الاستاذ شكرًا على مجهودك! تلك الابتسامة التي قلت أنها مفتعلة تسللت إلى وجهي وحدها، وكل المشاعر السلبية تبددت.
كيف ترفع من مستوى أعضاء الفريق؟
أخيرًا بعد بناء فريق العمل وتشكيله وتحديد أهدافه، لابدّ من السعي للحفاظ على تماسكه والعمل على رفع مستواه باستمرار، حيث يكون ذلك من خلال الآتي:
1- اشعال نار الانجاز في قلوبهم: لا يجب أن تحيط الروتينية على فريقك
ضع امامهم تحديات: يقول ماكسيان أ.د دالتون في كتابه (كيف تصبح متعلما متعدد المهارات) :أفضل طريقة تتعلم بها، والأرجح انها الوحيدة للتعلم، هي الخبرات التي تحمل تحدياً. فبعض المديرين الذين يزعجهم أي موقف لا يسيطرون فيه سيطرة كاملة، يتجنبونه على الفور، وبذلك يفقدون حتى فرصة التعلم.
2- ورش التفكير: اطرح قضية، واصنع جلسة عصف ذهني ودع كل واحد منهم يدلي برأيه
حيث تتمثّل أهميتها فيما يلي:
- توليد أفكار جديدة.
- إعطاء مساحة للابداع.
- زرع الثقة في النفوس.
- زرع روح الانتماء في نفوس أعضاء الفريق.
3- محاصرة المشكلات: الفريق الفعال يتعاون في حل المشكلات، التي تواجه أحد اعضاءه أو الفريق ككل
4- زيارة معسكرات المنافسين: من أجل التشاور ودراسة أساليب تفوقهم، وهذا يرفع امكانات الفريق ويوسع مداركهم
كانت هذه إذن أهمّ الخطوات والنصائح لبناء فريق العمل الناجح، فما هي برأيكم النصائح الأخرى التي تضمن بناء فريق عالي الكفاءة؟ شاركونا إياها من خلال التعليقات، ولا تتردّدوا في قراءة المزيد من المقالات على منصّة تعلم.
المراجع:
- كتاب العمل الجماعي. د.إبراهيم الفقهي
- كتاب كيف تصبح متعلما متتعدد المهارات. ماكسيان أ.د.دالتون. ترجمة د.نشوى ماهر
اقرأ أيضًا: 6 نصائح عليك معرفتها لإبقاء موظفيك سعداء وراضين
اقرأ المزيد: 20 كتاب في إدارة الأعمال عليك قرائتها قبل بلوغ سن الـ 30
عن الكاتبة:
آلاء محمد، شابة عشرينية، وطالبة في جامعة الخرطوم، في السودان، تهوى القراءة والكتابة وكذلك التصميم وكلّ ما له علاقة بالألوان.