خصائص ومهارات الذكاء الاجتماعي
عند التطرّق للحديث عن موضوع الذكاء والقدرات العقلية، يتمّ في الغالب التركيز على نسبة الذكاء المعروفة اختصارًا بالـ IQ وهو الذكاء الذي يولد به الفرد في الغالب ويعود في جزء كبير منه إلى الجينات. غير أنّ هناك نوعًا آخر من الذكاء، ألا وهو الذكاء الاجتماعي أو الـ Social Intelligence والذي يُشار له بـ SI. فما هو هذا الذكاء؟ ما هي خصائصه، وهل يمكنك تطويره؟
ما هو الذكاء الاجتماعي؟
تمّ طرح نظرية الذكاء الاجتماعي للمرة الأولى على يد عالم النفس الأمريكي إدوارد ثورندايك سنة 1920، وعرّف خلالها الذكاءَ الاجتماعي بأنه: "القدرة على فهم وإدارة الرجال والنساء كبارًا وصغارًا للتصرف بحكمة في إطار العلاقات الإنسانية." كما وضّح هذا العالم أن الذكاء الاجتماعي ليس فطريًا وإنما مكتسبًا، فلا أحد يولد ذكيًا اجتماعيًا، بل إنّه يكتسب مجموعة من المهارات التي تسهم في تعزيز ذكائه الاجتماعي وتنميته.
يستطيع الأشخاص الذين يتمتّعون بالذكاء الاجتماعي أن يحسّوا بمشاعر الآخرين، ولديهم قدرة حدسية تمكّنهم من التحدّث بعفوية وسلاسة في مختلف المواقف الاجتماعية. قد تعتقد أنّ مثل هؤلاء الأشخاص يمتلكون مهارات اجتماعية متقدّمة إلاّ أنهم في الواقع أذكياء اجتماعيًا.
ما هي علامات الذكاء الاجتماعي؟
يتمتع الأفراد الأذكياء اجتماعيا بمجموعة من الصفات والخصائص التي تساعدهم على التواصل بكفاءة مع الآخرين، وفيما يلي أهمّ هذه السمات:
1- مهارات الاستماع
لا يكتفي الشخص الذكي اجتماعيًا بالاستماع من أجلّ الردّ وحسب، بل إنه يستمع للآخرين ويوليهم كامل انتباهه، فيمضي هؤلاء المتحدّثون بعد أن يشعروا بأنّ هذا الشخص قد فهمهم حقًا، ونشأ بينه وبينهم رابط خفي من المحبة والاحترام.
2- مهارات الحوار
هل سبق لك أن رأيت شخصيًا يستحوذ على اهتمام كلّ الحاضرين في المكان؟ يتمتّع هؤلاء الأشخاص على الأرجح بذكاء اجتماعي مرتفع، ومهارات حوار متقدمة. إنهم بارعون يحسنون انتقاء كلماتهم، ولديهم حسّ فكاهة مناسب كما أنهم يتذكّرون التفاصيل الصغيرة عن الآخرين، مما يجعل المحادثات معهم ذات معنى وقيمة.
3- إدارة السمعة
يأخذ الأشخاص الأذكياء اجتماعيًا بعين الاعتبار الانطباعات التي يشكّلونها عن الآخرين من حولهم، وهي إحدى أعقد سمات الذكاء الاجتماعي، فلابدّ للفرد أن يخلق انطباعًا مدروسًا عن الطرف الآخر الذي يقف أمامه مع الحرص على كونه أقرب ما يكون للواقع.
4- قلّة الجدال
إن رأيت شخصًا يقاطع ويُخالف ويعارض الآخرين في كلّ جلسة، فهو على الأرجح يفتقر إلى الذكاء الاجتماعي. فالذكي اجتماعيًا يدرك تمامًا أنّ الجدال وإثبات وجهة نظر ما من خلال جعل الآخر يشعر بالسوء ليس أمرًا صحيحًا. بدلاً من ذلك، نجد أنّه يستمع للآخرين بعقل متفتّح حتى لو لم يكن رأيه متوافقًا مع آرائهم.
كيف يمكن أن تطوّر ذكائك الاجتماعي؟
في الوقت الذي يستطيع فيه البعض تنمية ذكائهم الاجتماعي دون بذل أيّ جهد، نجد أنّ البعض الآخر بحاجة للتدريب والتمرين حتى يتمكّن من اكتساب هذه المهارة وتنميتها. فإن كنت من المجموعة الثانية، إليك فيما يلي عدّة استراتيجيات تساعدك على بناء مهاراتك الاجتماعية وتطوير ذكائك الاجتماعي.
1- انتبه إلى محيطك
يتمتّع الأشخاص الأذكياء اجتماعيًا بدقة الملاحظة، ويهتمّون بالتفاصيل الدقيقة والخفية في الأشخاص من حولهم. لذا ابدأ بمراقبة محيطك من أشخاص وأشياء وطوّر مهارة تذكّر التفاصيل الصغيرة والدقيقة حول الآخرين.
2- طوّر ذكاءك العاطفي
يتعلّق الذكاء العاطفي على وجه الخصوص بالتعامل مع مشاعرك الخاصة وإدارتها بكفاءة، حيث أنّك وكلّما أصبحت أكثر قدرة على فهم مشاعرك الخاصة، ازدادت قدرتك على فهم مشاعر الآخرين أيضًا. يستطيع الأشخاص الأذكياء عاطفيًا التحكّم في المشاعر السلبية كالغضب والإحباط حينما يكونون في مواقف اجتماعية، ممّا يجعلهم أكثر ذكاءً من الناحية الاجتماعية أيضًا.
3- احترم الثقافات المختلفة
وقبل أن تفعل، اسعَ إلى فهم الاختلافات الثقافية بين الشعوب والبلدان حتى تكتسب وعيًا أفضل حولها. على الرغم من الأغلبية يكتسبون مهاراتهم الاجتماعية من عائلاتهم أو أصدقائهم، غير أنّ الأذكياء اجتماعيًا يدركون أنّ الآخرين قد يمتلكون آراءً وعادات مغايرة اعتمادًا على خلفياتهم الثقافية والبيئة التي تربوا فيها.
4- تدرّب على مهارات الاستماع
حتى تتمكّن من تطوير ذكائك الاجتماعي، احرص على تنمية مهاراتك في التواصل وأهمُّها مهارات الاستماع الفعّال. لا تقاطع الآخرين في حديثهم، وخذ وقتك للتفكير فيما يقوله أحدهم قبل أن تبادر بالرد عليه، أنصِت إلى نبرة محدّثك وافهم من خلالها ما يعنيه حقًا بكلامه.
5- قدّر الأشخاص المهمّين بالنسبة إليك
يمتلك الأذكياء اجتماعيًا علاقات عميقة وقوّية، ذات معنى بالنسبة إليهم. إن كنت ترغب في تنمية ذكائك الاجتماعي، فاحرص على تقدير الآخرين ممّن تعزّهم. أظهِر اهتمامًا بمشاعر شريك حياتك أو أصدقائك المقرّبين أو زملائك في العمل. فكلّما تجاهلت أقرب الناس إليك، أضعت فرص التواصل الفعّال معهم، وهو ما لا يفعله أيّ شخص يمتلك ذكاءً اجتماعيًا مرتفعًا.
6- تعلّم فنون حلّ النزاع
لابدّ أن تشهد العلاقات الاجتماعية بعض الخلافات والنزاعات فهو أمر لا مفرّ منه في أيّ بيئة اجتماعية. وفي حال عدم حلّها بشكل صحيح، قد تؤدي هذه الخلافات إلى تدمير العلاقات وقطعها للأبد.
تعلّم أساليب حلّ النزاعات بطرق صحيّة، ودرّب نفسك على ذلك، استمع للأطراف المتنازعة جميعها، وكن حياديًا في الخلافات التي لا تمسّك شخصيًا. اختر كلماتك بعناية وبادر بالصلح فجميع هذه الخطوات تضمن لك اكتساب مهارات اجتماعية قوية.
ليس من السهل إتقان الذكاء الاجتماعي - فلو كان الأمر كذلك، لما وجدنا هناك أيّ مواقف محرجة في المواقف الاجتماعية. ومع ذلك تسهم هذه المهارات في جعلك أكثر ثقة بالنفس وقدرة على تكوين علاقات جديدة ناجحة.
لذا ادرس الحالات الاجتماعية من حولك وراقب ما يفعله الآخرين، حدّد الأخطاء التي ترغب في تجنبّها، ثمّ انطلق بعد ذلك لتطبيق ما تعلّمته في الموقف التالي الذي يواجهُك. لا تيأس إن أخفقت، فالفشل هو الطريق الأسرع للتعلّم واكتساب الخبرة.
شاركونا تجاربكم حول أكثر المواقف الاجتماعية التي ساهمت في بناء شخصيتكم كما هي الآن، ولا تتردّدوا في التعرف على باقي أنواع الذكاءات من خلال مقالنا حول أنواع الذكاء التسعة على منصّة تعلّم.
المصدر: psychologytoday، verywellmind
اقرأ أيضًا: كيف احترم ذاتي و احترم الآخرين
اقرأ أيضًا: ما هي مهارات الذكاء العاطفي التي يتميز بها الناجحون