الشخصية المترددة: أسبابها وكيفية التعامل معها
يمكن تعريف التردّد بأنه "أيّ تأخير ناجم عن شك في العقل أو شعور بالخوف". وأن تكون صاحب شخصية متردّدة يعني أنّك تتساءل دومًا عن أفعالك وتصرّفاتك. الأمر الذي قد يكون جيدًا، وسيئًا في الوقت ذاته.
على سبيل المثال، قد تتردّد قبل قول أو فعل شيء ما خوفًا من إيذاء نفسك والآخرين، الأمر الذي يجعل من التردّد سمة إيجابية، كونها تدفعك لإعادة التفكير في تصرّفاتك.
لكن، ترتبط الشخصية المترددة في الغالب بالنتائج والمخرجات السلبية، نظرًا لأنها ترتبط عادة بمشاعر كالخوف، فقدان الثقة بالنفس أو التفكير الزائد عن حدّه، والتي تؤثر جميعها عليك بشكل سلبي، الأمر الذي يجعل من التردد سمة سلبية في معظم الأحيان هي الأخرى، حيث أنّ الكثير من الأفكار اللامعة ربما لم ترَ النور بسبب تردد أصحابها.
إن كنت صاحب شخصية متردّدة، بمعنى آخر...إن كنت تواجه صعوبة في اتخاذ مختلف القرارات في حياتك، حتى البسيطة منها، كاختيار وجبتك في المطعم مثلاً، فهذا المقال لك.
سنتعرّف فيما يلي على أسباب التردّد، والتي إن سعيت للتغلّب عليها فسوف تتمكّن حتمًا من اتخاذ قراراتك بشكل أفضل وأكثر حسمًا.
ما هي أسباب التردد؟
هنالك العديد من الأسباب التي تفسّر شعورك الدائم والمبالغ فيه بالتردد، لدرجة أنّك أصبحت توصف بالشخصية المترددة بين معارفك وأصدقائك.
وفي الوقت الذي تختلف هذه الأسباب وتتباين بحسب الموقف، إلاّ أنّ بعضها أكثر شيوعًا من غيرها، والتي يمكننا أن نلخّصها فيما يلي:
1- الخوف
المتهم الأول خلف الشخصية المترددة، هو الخوف!
حينما تكون على وشك اتخاذ قرار مهمّ (خاصّة إن كان قرارًا مصيريًا)، فإنّ مشاعر الخوف هي أولّ ما سيحاول إقناعك بالعدول عن قرارك هذا.
لا ضير في الشعور بالخوف طالما هنالك حدود لمدى تدخّله في في قراراتك التي تتخذها.
كيف ذلك؟
حسنًا، جميعنا نعرف أن الهدف الرئيسي من مشاعر الخوف هو تعزيز غريزة البقاء، حيث تعمل هذه المشاعر على تذكيرنا دومًا بضرورة اتخاذ القرارات التي تصبّ في صالحنا. وهو ما يولّد مشاعر التردّد الإيجابية.
لكن حينما تتنامى مشاعر الخوف، وتتجاوز الحدود، فقد تتحوّل في هذه الحالة إلى عدوّ لدود يقف في طريق تحقيق أحلامنا وأهدافنا.
حينما نبدأ بالشعور بالخوف من كلّ شيء غريب عنّا لدرجة أنّنا نحبس أنفسنا في منطقة الراحة الخاصّة بنا، سيتحوّل الخوف إلى تردّد كبير يحول بيننا وبين نموّنا وتطوّرنا.
ما هو الحل؟
عليك مواجهة مخاوفك، والعمل على ألاّ تتحوّل سلاسل تقيّدك وتحول بينك وبين عيش حياتك على نحو طبيعي.
يمكنك معرفة المزيد حول هذا الأمر من خلال قراءة مقالنا بعنوان: كيف تتغلب على مخاوفك؟
2- تدني تقدير الذات وانعدام الثقة بالنفس
تذكّر: أنت جيّد بقدر ما تسمح لنفسك بذلك!
إن لم تعترف بجهودك التي تبذلها حاليًا، أو تلك التي بذلتها لتحقيق أهدافك في الماضي، فلن تتمكّن من التطوّر والنموّ مستقبلاً.
ستبدأ بالشعور بالتردد في كلّ مرة توشك فيها على اتخاذ قرار ما، وستتساءلُ ما إذا كنت جيدًا بما فيه الكفاية أم لا، بل وستضيّع على نفسك العديد من الفرص التي كان يسعُك اقتناصها.
من المحزن للغاية أن العديد منّا ينسون كم هم مقتدرون ورائعون. والأكثر حزنًا هو أنّ بعضهم يغرق في مشاعر الشفقة على ذاته وفقدان الثقة بنفسه طوال عمره، فلا يحقّق أيّ نجاح في حياته، ليس لأنه لا يستطيع، ولكن لأنه غير قادر على رؤية إمكاناته.
ما هو الحلّ؟
الخطوة الأولى تبدأ في تعويد نفسك على رؤية مهاراتك الخاصّة وطاقاتك الكامنة، والاعتراف بها. وهذا الأمر لا يتأتّى إلاّ من خلال العمل الجادّ على رفع ثقتك بنفسك وتقديرك لذاتك.
اقرأ المقالات التالية لمعرفة المزيد حول كيفية فعل ذلك:
- 8 مشكلات يسببها تدني تقدير الذات وكيفية معالجتها
- 14 طريقة سهلة تحطم ثقتك بنفسك دون أن تشعر
- لغة الجسد والثقة بالنفس
3- منطقة الراحة
الأمور الموجودة داخل منطقة الراحة الخاصّة بك مألوفة جدًا لك، وأنت على دراية بمخرجات كلّ فعل تقوم به في داخل منطقة الراحة.
قد تفكّر مع نفسك: إنها تُشعرني بالأمان، فلماذا أفسد الأمر على نفسي؟
الحقيقة هي أنّ العالم الواقعي يسير على نحو مختلف تمامًا، وهو ما يجعلنا نشعر بالتردد الكبير حينما نحاول الخروج من "فقّاعة الراحة" الخاصّة بنا. لأن ذلك يعني قيامنا بأشياء جديدة لا نعرف نتائجها.
لكن، وعلى الرغم ممّا تبدو عليه منطقة الراحة من جمال وأمان، غير أنّها في الواقع عدوّ لدود لنجاحك وتقدّمك في الحياة.
ما هو الحل؟
ببساطة، أن تبدأ في السعي للخروج منها، وتجربة أشياء جديدة وغامضة من حولك. ليس عليك أن تزجّ بنفسك في غابات الأمازون مثلاً للخروج من منطقة الراحة، فأحيانًا، تغيير المطعم الذي تتناول فيه وجبتك المعتادة جيد بما فيه الكفاية.
اعرف المزيد من خلال مقالنا بعنوان: ما هي منطقة الراحة وكيف تخرج منها | Comfort Zone؟
4- الخيارات الكثيرة المتاحة أمامك
حينما تواجهك خيارات كثيرة ومتعدّدة، لن يكون سهلاً بطبيعة الحال أن تتخذ قرارًا مناسبًا. وبالتالي تبدأ في الشعور بالتردد حول القرار الأفضل لك، وحول ما إذا كان بإمكانك اختيار شيء آخر والقيام بأداء أفضل.
هنالك ملايين الأسئلة التي تدور في رأسك ولا تستطيع العثور على إجابة واحدة جيدة!
كلّ ذلك يجعلك أثر تردّدًا، ومع تكرار هذه المواقف، ستجد نفسك وقد تحوّلت إلى شخصية مترددة عاجزة عن اتخاذ حتى أبسط القرارات.
ما هو الحل؟
يمكنك في مثل هذه المواقف سؤال الآخرين عن رأيهم، والاستعانة بخبراتهم. لكن، في نهاية المطاف عليك أن تتخذ قرارك بنفسك.
عميقًا في قلبك أنت تدرك ما هو الأفضل بالنسبة إليك، ومن خلال اتباع شغفك وأحلامك، ستتمكن حتمًا من اتخاذ القرار الأنسب لك،حتى لو كنت متردّدًا للغاية.
يمكنك التعرّف أيضًا على مهارات اتخاذ القرارات والاستفادة منها في التغلب على مشاعر التردّد في أعماقك.
اقرأ المزيد: كيف يتخذ المدير التنفيذي لشركة امازون قراراته الصعبة ؟
5- التفكير الزائد
هل أنت واحد من أولئك الذين يفرطون في التفكير في كلّ شيء؟
حسنًا جميعًا كذلك، حتى لو كان ذلك خلال مرحلة معيّنة من حياتنا. لكن ممّا لا شكّ فيه أنّ التفكير الزائد أو الـ Overthinking، هو أحد أسوأ الأمور التي قد تقوم بها حينما يواجهك قرار صعب ومصيري.
أن تفكّر في الأمر مرتين قبل أن تقوم به، شيءٌ طبيعي للغاية. لكن أن تستمرّ في التفكير فيه مرارًا وتكرارًا لأيام وأسابيع وأشهر لن يجدي نفعًا، ولن يأتيك بأيّ نتيجة سوى زرع بذور التردّد في عقلك.
إن استمررت في التفكير المفرط، فلن تتمكّن على الأغلب من اتخاذ أيّ قرار مهمّ قد يغيّر حياتك للأفضل. وبدلاً من ذلك، ستجدُ نفسك عالقًا في الشعور الدائم بالقلق والتردد في كلّ مرة تعترض فيها طريقك فرصة مهمّة.
ما هو الحل؟
حان الوقت لمنح عقلك استراحة، والتخفيف من حدّة التفكير المستمر المبالغ فيه في كلّ صغيرة وكبيرة.
ابدأ بتعلّم تقنيات الوعي بالذات واليقظة الذهنية، وطوّر مهاراتك في حلّ المشكلات لتتمكّن من اتخاذ قرارات سليمة بعيدًا عن التفكير المبالغ فيه الذي لا يجدي نفعًا.
اطلع على المقالات التالية التي ستساعدك في التخلّص من التفكير المفرط:
كيف تعالج شخصيتك المترددة إذن؟
حتى تتغلّب على التردّد الشديد الذي تعاني منه، عليك بداية أن تفهمه. لقد تعرّفت على بعض من أشهر أسبابه، ممّا يعني أنّ إن عالجت هذه الأسباب، فسوف تتمكّن من تخفيف حدّة ترددك في المواقف المختلفة التي تواجهك.
في المرّة المقبلة التي تجد نفسك فيها متردّدًا حول قرار معيّن، فكّر بداية في السبب الذي يدفعك للشعور على هذا النحو، هل هو بسبب:
- شعورك بالخوف؟
- تفكيرك الزائد في عواقب اتخاذ قرار خاطئ؟
- وجود العديد من الخيارات المحيّرة أمامك؟
- عدم رغبتك في الخروج من منطقة الراحة؟
بمجرّد أن تحدّد السبب الحقيقي سيصبح من الأسهل عليك معالجته وبالتالي التخلّص تدريجيًا من التردّد.
صحيح أنّ ذلك لن يتحقّق بين ليلة وضحاها، لكن مع التدريب والتمرين المستمرّين، ستجد أنّ اتخاذ القرارات أصبح أسهل شيئًا فشيئًا، ولم تعد المواقف الجديدة الغريبة عنك تسبب لك الخوف أو التردّد الشديد.
تذكّر دومًا أن تردّدك قد يحرمك من عيش الحياة التي تتمناها، وقد يقف في طريق تحقيق أهدافك وأحلامك الكبرى، فلا تسمح له بذلك، وتحلّى بالشجاعة الكافية لتتغلّب عليه وتمضي قدمًا في دربك نحو النجاح.
شاركنا من خلال التعليقات بمواقف شعرت فيها بالتردّد ولم تتمكّن من اتخاذ القرار المناسب. ما الذي تعلّمته من هذه المواقف؟ وهل ساعدك ذلك لاتخاذ قرارات أفضل في المستقبل؟
لا تنسَ أيضًا التسجيل في الموقع ليصلك كلّ جديد وممتع من المقالات المفيدة.
المصدر: medium
اقرأ أيضًا: الإيجابية السامة: لماذا قد يصبح التفاؤل أمرا سيئا؟
اقرأ أيضًا: كيف أنمي حس المسؤولية
اقرأ أيضًا: 5 نصائح مهمة تساعدك على تحقيق أحلامك الكبيرة