التعلم خلال النوم: حقيقة أم خرافة؟
يبحث متعلّمو اللغة على الدوام عن طرق جديدة لتطوير مهاراتهم وتسهيل عمليّة التعلّم عليهم. لكن هل خطر لك يومًا أنّك قادر على تعلّم لغة جديدة أثناء النوم؟!
ألم يحدث أن استمعت يومًا ما إلى أغنية قبل النوم، واستيقظت في اليوم التالي لتجدها ما تزال عالقة في رأسك؟
إن كان تذكّر كلمات أغنية سمعتها أثناء نومك أمرًا ممكنًا، فلماذا إذن لا تستغلّ هذه الطريقة في تقوية لغتك الإنجليزية، أو تعلّم لغة ثانية مثلاً؟
الأمر ليس مزحة ولا ضربًا من الخيال، إذ أنّ العديد من الدراسات والبحوث أجريت حول هذا الموضوع وأثبتت فعالية النوم في عملية التعلّم واكتساب المعارف الجديدة، خاصّة عندما يتعلّق الأمر بتعلّم اللغات.
دعونا نتعمّق أكثر في هذا الموضوع ونعرف المزيد عن كيفية الاستفادة من ساعات النوم في تطوير مهاراتنا اللغوية.
الدراسات والأبحاث حول النوم والتعلّم
تمّ إجراء العديد من البحوث والدراسات حول مدى فاعلية التعلّم أثناء النوم، ولعلّ أهمها وأكثرها إثارة للاهتمام، دراسة ألمانية تمّ نشرها سنة 2017 في موقع Current Biology، وتفاصيلها كما يلي:
- تمّ خلالها تزويد عيّنة الاختبار بسماعات أذن ليستخدموها أثناء النوم. ثمّ تمّ تشغيل مجموعة من الكلمات بلغة اصطناعية (لا وجود لها في الحقيقة)، وإلحاق هذه الكلمات بترجمة باللغة الألمانية.
- من هذه الكلمات كان هنالك كلمة "Tofer" التي افترض العلماء أنّ معناها "مفتاح"، وكلمة "Guga" ومعناها "فيل".
- بعد استيقاظ عيّنة الاختبار تبيّن أنّ جميع أفراد المجموعة تمكّنوا من تحديد ما إذا كانت كلمة "Tofer" أو "Guga" تشير إلى أشياء كبيرة الحجم أو صغيرة الحجم بشكل صحيح!
- نتيجة هذه الدراسة قدّمت دليلاً قويًا أنّ الدماغ يبقى في حالة من النشاط أثناء النوم، ويمكن له اكتساب معلومات جديدة، بعكس ما كان شائعًا من أنّ النوم يفصلك عن العالم الخارجي.
ما هي العلاقة بين النوم وعملية التعلّم؟
بالإضافة إلى أثبتته الدراسة السابقة وغيرها من الأبحاث حول فعالية النوم في اكتساب معلومات جديدة، فإن له فوائد وآثارًا إيجابية أخرى على عملية التعلّم، نذكر منها الآتي:
- تقوية الذاكرة، وتثبيت المعلومات التي تمّ اكتسابها قبل النوم في الدماغ.
- تجديد طاقة الدماغ، وبالتالي منحه قدرة أكبر على التركيز والانتباه لاكتساب معلومات جديدة بسرعة في حالة اليقظة.
وهنا قد تجد نفسك لا تزال في حالة من الشكّ حول ما إذا كان النوم سيساعدك حقًا في تطوير مهاراتك في اللغة الإنجليزية أو في تعلّم لغة جديدة. لا تقلق، سنجيبك عن هذا السؤال، فما عليك سوى الاستمرار في القراءة!
اقرأ أيضًا: كيف تفكر باللغة الانجليزية لتتعلم أن تتحدث بطلاقة
لماذا عليك تجربة عملية التعلّم أثناء النوم؟
صحيح أنّك لا تستطيع تعلّم رياضة ما، أو العزف على آلة موسيقية مثلاً خلال النوم، لكن يمكنك حتمًا اكتساب معلومات جديدة خلال رحلتك اليومية إلى أرض الأحلام. وإن كنت لا تزال تشكّ في مدى فعالية هذه الطريقة في التعلّم، فإليك مجموعة من الأسباب المقنعة التي تشجّعك على اتخاذ هذه الخطوة:
1- ليس في الأمر مضيعة للوقت
لنفكّر في الأمر بطريقة عملية، حتى لو لم تكن مضطرًّا لدراسة اللغة الإنجليزية أو أي لغة أخرى، أو حتى اكتساب معرفة جديدة، فأنت بحاجة إلى ساعات كافية من النوم. أيّ أنك وحتى إن لم تستفد من هذه التجربة فلن تخسر شيئًا. فما المانع إذن أن تحاول استغلال وقت نومك بطريقة تعود عليك بالنفع والفائدة. وفي كلّ الأحوال إن لم تنفعك فهي لن تضرّك.
2- وسيلة مساعدة إضافية
عندما تبدأ بتعلّم لغة جديدة فأنت على الأرجح بحاجة لكلّ أشكال المساعدة الممكنة من أجل تطوير مهاراتك وتعزيزها. والتعلّم من خلال النوم هو أحد هذه الوسائل. فحتى لو لم يحقق لك النتيجة التي تريدها في اكتساب معلومات جديدة، سيسهم حتمًا في تذكّرك للمعلومات التي درستها في حالة اليقظة وهو ما أثبتته الدراسات والأبحاث المختلفة التي أجريت في هذا المجال.
3- يزيد من نسبة تعرّضك للغة
لا شكّ أنّك قد سمعت النصيحة التي تطلب منك ممارسة أيّ لغة جديدة تتعلّمها لأكبر وقت ممكن حتى تتقنها بسرعة، فلم لا تزيد من تعرضّك للغة من خلال الاستماع إليها أثناء نومك؟ الإنصات لكتاب مسموع باللغة الإنجليزية مثلاً، سيكسب على الأقل 6 ساعات إضافية من التعرّض للغة، وهو وقت لا بأس به حتمًا، لاسيّما إن وضعت في حسبانك أنّ العقل الباطن لا ينام ويستمرّ في استقبال المعلومات حتى خلال نوم العقل الواعي.
شروط التعلّم أثناء النوم
على الرغم ممّا يبدو عليه أمر التعلّم خلال النوم من كونه سهلاً إلاّ أنّه كغيره من استراتيجيات التعلّم، يخضع لبعض الشروط والقوانين لا بدّ من الالتزام بها لتحقيق أعظم فائدة ممكنة.
إحدى أهم هذه الشروط هي اختيار وسيلة التعلّم المناسبة. لا يمكنك بالطبع أن تقرأ أو تكتب وأنت نائم، لذا فإن أنسب وسيلة للتعلّم تتمثل في الاستماع، وهنا لابدّ من اختيار البرامج المسموعة المناسبة التي لا تؤثر على جودة نومك ولا تكون مزعجة تقلق راحتك، حيث يوجد العديد من مصادر التعلّم المجانية المتاحة على الإنترنت، والمخصصة لعملية التعلّم أثناء النوم المعروفة بالـ "hypnopedia"، إذ ما عليك سوى كتابة هذا المصطلح على شبكة الإنترنت لتعثر على آلاف الكتب المسموعة والتسجيلات الصوتية الملائمة لهذا النوع من التعلّم.
اقرأ أيضًا: افضل خمسة مواقع تساعدك على تعلم وممارسة اللغة الانجليزية
مصادر التعلّم أثناء النوم
إذن، كيف يمكنك أن تبدأ بتعلّم لغة جديدة أثناء نومك؟
الجواب بسيط، فالخطوة الأولى تتمثّل في العثور على المصادر التعليمية المناسبة، ولهذا السبب، جمعنا لكم فيما يلي عددًا من أهم المواقع التي يمكنكم اختيار ما يناسبكم منها والاستفادة ممّا تقدّمه من محتوى.
1- قناة Eko Languages
إن كنت ممّن يحبون مشاهدة الفيديوهات على موقع يوتيوب باستمرار فقناة Eko Languages ستكون خيارًا موفّقًا بالنسبة إليك. مهلا!...فيديوهات؟!
لعلّك تعتقد أنه من المستحيل مشاهدة الفيديوهات أثناء النوم، وهو أمر نوافقك الرأي عليه أيضًا، لكن ما يميّز هذه القناة، أنّها تقدّم فيديوهات لتعلّم عدد من اللغات الأجنبية بأصوات هادئة يمكنك الاستماع إليها أثناء النوم. أمّا بالنسبة للغات التي يمكنك تعلّمها من خلال هذه القناة فهي تشمل بالإضافة إلى اللغة الإنجليزية، اللغات الأوروبية كالفرنسية والإيطالية، واللغات الآسيوية مثل اليابانية والكورية، وحتى اللغة العربية.
2- قناة Sleep Learning على يوتيوب
كما ترى فاسم هذه القناة على يوتيوب يعبّر عن محتواها تمامًا، حيث يمكنك من خلالها اكتساب معلومات جديدة في الرياضيات والعلوم والجغرافيا. بالإضافة إلى عدد من اللغات الأجنبية كالإنجليزية والفرنسية واليابانية وغيرها...كلّ ذلك وأنت نائم في سريرك الدافئ!
في هذه الفيديوهات التي تتراوح مدّتها ما بين 3 إلى 8 ساعات، يتمّ قراءة جملة بلغة معيّنة (اللغة التي ترغب في تعلّمها) وترجمتها ثلاث مرّات بلغة ثانية (لغتك الأم، أو اللغة التي تتقنها).
3- موقع Sleep Learning
يعتبر هذا الموقع واحدًا من أهمّ مصادر التعلّم أثناء النوم، إذ يضمّ مكتبة صوتية ضخمة حول مختلف المواضيع، ابتداءً من اللغات الأجنبية (ما يزيد على 50 لغة)، مرورًا بالمحتوى التحفيزي والبرمجة اللغوية العصبية، وصولاً إلى الكتب المسموعة والتأكيدات المسجّلة للنجاح والتغلّب على الخوف ومعالجة الاكتئاب.
من الجدير بالذكر أنّ المصادر التعليمية المتوفرة على هذه الموقع ليست مجانية، ولابد من شرائها عبر الإنترنت كي تتمكّن من الاستفادة منها.
4- موقع SleepyLanguages
يضمّ موقع SleepyLanguages مجموعة من التطبيقات المتخصصة في لغات مختلفة حيث يمكن للمستخدمين تحميلها والاستفادة منها في تعلّم مفردات جديدة باللغة التي يختارونها، إذ يقوم مبدأ عمله على تعلّم كلمات جديدة لمدّة 3 دقائق على الأقل في كلّ يوم، ثمّ يتمّ إعادة تشغيل هذه الكلمات خلال ساعات النوم، بل إنّ التطبيق يتضمّن دروسًا يومية متجدّدة وامتحانات تسهم في تسريع وتعزيز عملية التعلّم.
بالإضافة إلى المواقع السابقة، يمكنكم ببساطة البحث عن المواضيع المختلفة التي ترغبون في تعلّمها على يوتيوب أو أيّ موقع كتب مسموعة وتسجيلات صوتية، ثمّ اختيار ما ترونه مناسبًا وتكرار سماعه خلال فترات النوم.
الأمر أشبه بالاستماع إلى قصة ما قبل النوم، لكن بدلاً من أن تكون القصّة خيالية لا صلّة لها بالواقع، تجعلون منها تسجيلاً صوتيًا مفيدًا يسهم في تطوير قدراتكم وتعزيز مهاراتكم.
هل سبق لكم أنّ جربّتم هذه الطريقة من قبل في التعلّم؟ وهل ترون أنّ التعلّم خلال النوم أمر ممكن حقًا؟
شاركونا آرائكم وتعليقاتكم حول هذا الموضوع، ولا تنسوا التسجيل في موقعنا ليصلكم كلّ جديد.
المصادر: daytranslations، insider
اقرأ أيضًا: كيف أتعلم اللغة الإنجليزية وأيّ لغة أخرى بأسرع وقت وأقل جهد
اقرأ أيضًا: أربع طرق لتعلم اللغة الانجليزية من الافلام